وردت هذه الشهادة فى سفر أشعياء ( 56 : 1 ) من خلال رؤيا لأشعياء ينسب فيها الكلام إلى إله بنى إسرائيل يحذرهم فيها من التمرد والعصيان لتعاليم الإله الواحد الحق . وأنه تعالى سيسلبهم امتيازاتهم الممنوحة لهم ويعطيها لأمَّة أخرى . وسوف أذكر هنا الفقرة الأولى فقط من ذلك الإصحاح ففيها المراد بإذن الله . ومحيلا القارىء لتصفح باقى فقرات الإصحاح ليطلع على المخالفات التى عملها بنو إسرائيل تجاه إلههم .
( اقرأ الجدول التالى ) :
النسخة الوطنية ( ط 1977 )
|
كتاب الحياة ( 1988 )
|
أصغيت إلى الذين لم يسألوا . وُجدْت من الذين لم يطلبونى . قلت هأنذا هأنذا لأمَّة لم تسمَّ باسمى .
|
قد أعلنت ذاتى لمن لم يسألوا عنى , ووجدنى من لم يطلبنى , وقلت هأنذا لأمَّة لم تدْعَ باسمى .
|
نسخة الكاثوليك ( 1993 )
|
نسخة الآباء اليسوعيين ( 1991 )
|
قلت ظهرت لمن لا يسألون عنى ووُجدت لمن لا يطلبوننى ، وقلت ها أنذا ، ها أنذا لأمَّة لا تدعو باسمى (1) .
|
إنى اعتلنت لمن لم يسألوا عنى ، ووَجدنى الذين لم يطلبونى . قلت هاءنذا هاءنذا لأمَّة لم تدعُ باسمى .
|
وهنا نجد أنَّ الأمَّة الأمِّية السابق ذكرها فى سفر التثنية وُصِفت بأنها أمَّة ( لم تُسَمَّ ) باسم الإله المعبود و( لم تُدْعَ ) أيضا به . فبنوا إسرائيل نجد فى اسم أمتهم ( إسرائيل ) اسم إلههم ( إيل ) واليهود فى اسمهم اسم إلههم الخاص بهم ياهو . والأمَّة المسيحية ـ إن جاز لنا فرضا أن نطلق عليها اسم أمَّة ـ تحمل اسم إلهها ( المسيح ) فى اسمها .
والأمَّة العربية ليس فى طيات اسمها لقب أو اسم إلهها المعبود ولم تدْعَ به بين أمم العالم . ومن هنا نجد أنَّ الترجمات العربية الكاثوليكية الحديثة والآباء اليسوعيين قد غيرت هذه الكلمة ( تُسَمَّ ، تُدْعَ ) إلى معنى آخر مثل ( تدْعُو و تدْعُ ) من الدعاء والتوجه بالصلاة باسم الإله . والفرق كبير فى المعنى بين تُدْعَ و تَدْعُ وأيضا بين تُسَمَّ و تُسَمِّى . وهم يحاولون الخروج من معنى الاسم والتسمية إلى معنى الدعاء والعبادة ولكن الأمر خلاف ذلك فى الترجمات الأجنبية للنصّ . فنجد مثلا فى الترجمة الإنجليزية المعتمدة والمعروفة بالملك
( a nation that was not called by my name ) . ونجد النصّ مكتوبا فى النسخة القياسية المنقحة ( RSV ) ومثله فى النسخ ( NIV , NASB ) هكذا : ( a nation that did not call on my name ) .
هذا وقد ذكر بولس الطرسوسى هذا النصّ فى رسالته الرومية ( 10 : 20 ) قائلا :
النسخة الوطنية ( ط 1977 )
|
كتاب الحياة ( 1988 )
|
ثم إشعياء يتجاسر ويقول : وُجِدتُ من الذين لم يطلبونى . وصِرْت ظاهرا للذين لم يسألوا عنى
|
وأمَّا إشعياء فيتجرءُ على القول : وجَدَنى الذين لم يطلبونى وصِرْت مُعْلُناً للذين لم يبحثوا عنى
|
نسخة الكاثوليك ( 1993 )
|
نسخة الآباء اليسوعيين ( 1991 )
|
أمَّا إشعياء فيقول بجرأة : وَجَدَنى من كانوا لا يبحثون عنى ، وظهرت لمن كانوا لا يطلبونى
|
أمَّا أشعيا فلا يخشى أن يقول : إن الذين لم يطلبونى وَجَدُونى ، والذين لم يسألونى عن شىء تراءيت لهم .
|
وبمقارنة نصّ رومية بنصّ أشعيا نجد أنَّ هناك اختلافا جوهريا بينهما . إنها الأمَّة التى لم يبحث أفرادها عن الله ثم وجدوه تجاههم . وهذا تحريف مقصود . لأنَّ دعوة بولس كانت عالمية لجميع الأمم ، والنصّ المقتبس منه يتكلم عن أمَّة بعينها بصيغة الافراد ، فتعارض النصّ مع دعوة بولس فتم تعديله بحذف هذه الفقرة ..!!
علما بأنَّ نصّ أشعيا المستشهد به هنا مأخوذ من الترجمة السبعينية اليونانية التى تمت ترجمتها من قبل ميلاد بولس بثلاثة قرون . وقد بَيـَّنَ المسيح u أنَّ هذا الظهور الإلهى والإمتياز الربَّانى سيكون لأمَّة أخرى بصيغة الافراد . وليس إلى أمم بصيغة الجمع كما سيأتى بيانه فى حينه .
يقول الدكتور وليم إدى فى شرحه لرسالة بولس الرومية : قوله ( من الذين لم يطلبونى ) " أى الأمم الذين لم يطلبوه قبل أن دعاهم " . وقوله ( صرت ظاهرا للذين لم يسألوا عنى ) " أى أعلنت نفسى للأمم الذين لم يسألوا عنى قبل ذلك الإعلان " (2) .
قلت جمال : هكذا يكون التحريف والزيغ عن الحق ، النصّ يتكلم عن أمَّة واحدة بصيغة الإفراد ، وهم يجعلونه يتكلم عن أمم بصيغة الجمع ليتقرر لهم مبدأ عالمية الدعوة المسيحية ..!!
جاء فى حاشية نسخة الآباء اليسوعيين على هذا النصّ ( رومية 10 : 20 ) ما نصَّه : " الاستشهاد بأشعيا يمهِّد لفكرة دخول الوثنيين إلى ميراث إسرائيل " (3) . قلت جمال :ودعوة بولس كانت أساسا موجهة إلى الوثنيين من اليونان والرومان وليست إلى يهود بنى إسرائيل كما كانت دعوة المسيح u .
ع . م / جمال الدين شرقاوى
هوامش
(1) .. ورد هذا التعليق فى الهامش : لا تدعو ( أو تتوجه بصلاتها ) باسمى . هكذا فى الترجمات . وفى العبرية
التقليدية : لم تدع ( أى لم تسم ) باسمى .
(2) .. الكنز الجليل / شرح رسالة رومية ص 163 .
(3) .. العهد الجديد / رسالة رومية ص 491 .