This page was saved using WebZIP 7.0.3.1030 offline browser on 12/21/13 11:32:30 ص.
Address: http://www.burhanukum.com/article107.html
Title: حديث عن الإعجاز العلمي - يوسف القرضاوي  •  Size: 47271
قل هاتوا برهانكم عقائد وأديان مسيحيات برهانكم للرد علي شبهات النصارى

آباء الكنيسة
 
الباترولوجي
[ الباترولوجي ]

·التثليث عند آباء الرسوليين
·العلامة ترتليانوس والزواج الثاني
·بابياس أسقف هيرابوليس
·بوليكاربس في الميزان
·القديس اغناطيوس الأنطاكي
·القديس أغسطينوس والإرهاب الديني
·الحرب العادلة في فكر أوغسطينوس
·جون كالفن
·الباترولوجي - آباء الكنيسة
·الكذب .. السر الثامن من اسرار الكنيسة
  .  

خربشات صوماليانو
 
خربشاتـــصوماليانو
[ خربشاتـــصوماليانو ]

·هل يلد الله ويولد
·سويعات في برية التيه
·الإختلافات العددية في الكتاب المقدس
·البابا شتودة: المسيح لم يقل أنا الله أعبدوني
·بولس الرسول كبير الغنوصيين
·الغنوصية والرهبنة في الأناجيل
·تيري جون وثقافة الحرق
·ديونيسيوس يعقوب السرياني وضياع الأسفار
·سيدعى ناصريا
·التسامح سلاحنا في وجه شنودة
·القمص يوحنا سلامة : البروتستانت حرفوا الكتاب المقدس
·الدوناتستيون
  .  

الرد علي زكريا بطرس
 
شطحاتــزكريابطرس
[ شطحاتــزكريابطرس ]

·المسيح الجبار
·مسرحية نشيد الإنشاد
·النكاح في الجنة وشطحات زكريا بطرس
·انتهى زكريا بطرس كغيره والإسلام باق
·أحلام زكريا بطرس
·تأملات في نشيد الأناشيد
·نشيد الإنشاد كأشعار رابعة العدوية
·هلوسات زكريا بطرس
·الرد السماوي على زكريا بطرس
·بيان الشيخ الزغبي
·الرب مخلص مسيحه
·زكريا بطرس يبكي علي أطلال قناة الحياة
  .  

صوماليانو
 
تعدد الزوحات لماذا ترعب الكنيسة
البابا غريغوريوس الثاني وتعدد الزوجات
ضيوف الأنبا بيشوي أم أتباع الغزاة
ضمان الخلاص والجنة
العتل الزنيم مرقس عزيز
لا محلل ولا طلاق لأن العصمة في يد الأنبا بولا
  .  

حديث عن الإعجاز العلمي

 - يوسف القرضاويزائر المراسل "
الإعجازي العلمي في القرآن

الشيخ يوسف القرضاوي

الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أصبح حديثاً شائعاً في السنوات الأخيرة وتكاثر المشتغلون والكاتبون فيه إلى درجة جعلت بعض المؤتمرات تنادي بضرورة وضع ضوابط له بعد أن انفلت هذا المجال من الضبط العلمي وأصبح مجالاً هلامياً.
المنتقدون للإعجاز العلمي يرون أن الاشتغال به هو فرار من الإحساس بالفشل العلمي؛ مقارنة مع الغرب المتقدم علمياً، وأن القائلين به فُتنوا بالعلم التجريبي إلى درجة اعتباره حقائق مطلقة مهيمنة على نص القرآن، أما الداعون للفكرة فيرون فيها وسيلة ناجحة لدعوة غير المسلمين ولتثبيت المؤمنين، وعلامة دالة على كون القرآن من عند الله تعالى




فما هو الموقف المعتدل من الإعجاز العلمي؟ وما العلاقة بين الإعجاز والتفسير العلميين؟ وكيف نفسر الاشتغال بقضية الإعجاز في هذا العصر؟ وما هو نصيب الانتقادات الموجهة للإعجاز العلمي من الصحة؟
أسئلة عديدة تم طرحها على فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فكانت الإجابات كالآتي.
مسألة الإعجاز .. والإعجاز العلمي
* بداية .. فضيلة الشيخ، هنالك ما يسمى التفسير العلمي، وما يسمى الإعجاز العلمي، ماذا نعني بهما؟ وما الفرق بينهما؟
الإعجاز العلمي هو نوع من التفسير العلمي؛ فالتفسير العلمي هو استخدام العلوم الطبيعية والرياضية في تفسير القرآن، وعدم الاكتفاء باستخدام النحو والصرف والبلاغة والعلوم الشرعية واللغوية في التفسير .


 وهذا لا مانع منه، ولكن المشكلة في هذه الأشياء هي المبالغة؛ فالغلو في كل شيء يفسده، وإذا بالغنا في استخدام العلوم يصبح القرآن لا يعرفه إلا علماء الطبيعة وعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات، وأمثالنا لن يفهموا القرآن وأحيانا ننتهي إلى أن الأمة لم تفهم القرآن، عبر 14 قرناً حين يقول بعضهم: إن هذا هو المعنى المقصود بالقرآن!.
فنحن لسنا ضد التفسير العلمي وأن نستخدم العلم في إيضاح المعنى؛ لكن بشروط: أولاً ألا يكون في ذلك تكلف أو افتعال أو اعتساف. ثانيا: أن يكون حديثنا في حدود المفهوم اللغوي للكلمات القرآنية ودلالاتها وبحيث لا نتهم الأمة فيما مضى بالجهل وأنها لم تفهم القرآن؛ فالقرآن الكريم كتاب خالد؛ من خصائصه التي تكررت الإبانة والتيسير {وأَنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} والنور في حد ذاته منكشف وكاشف، واضح وموضح، فهو نور ومبين.


هذا عن التفسير أما الإعجاز العلمي.. فبالرجوع لأصل كلمة الإعجاز نجده هو الأمر الخارق للعادة الذي يتحدى الآخرين أن يأتوا بمثله فلا يستطيعون، والقرآن نفسه كتاب معجز لأنه تحدى العرب أن يأتوا بحديث مثله {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إن كَانُوا صَادِقِينَ} فعجزوا {بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} فغُلبوا {بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} فانقطعوا وصدق قول الله تعالى {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}..
* نحن نعلم أن ما يسمى بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي كلاهما أمر مستحدث، لم يكن سابقًا، فكتب علوم القرآن والمفسرون القدامى كانوا يتحدثون عن إعجاز القرآن البياني وإعجاز النظم، وغير ذلك. فأين يقع الإعجاز العلمي من ذلك الإعجاز؟


بجانب إعجاز النظم وجد الإعجاز بالإخبار بالغيوب كما في قوله تعالى {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} ، وقوله تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ} وتحقق هذه الأمور إعجاز أيضا. أيضاً العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله نشر في مجلة المسلمون - التي كان يصدرها الداعية الإسلامي الأستاذ سعيد رمضان -  نشر عدة مقالات تحت عنوان (شريعة القرآن دليل على أنه من عند الله)؛ الإعجاز التشريعي.
أيضا العلامة الشيخ محمد رشيد رضا أصدر كتاباً اسمه "الوحي المحمدي"، ذكر فيه أن القدماء كانوا يتحدون بالبلاغة والبيان والنظم، وأنا أتحدى بالموضوعات التي جاء بها القرآن.
* هل يمكن أن يكون الإعجاز العلمي الذي يتحدث عنه الكثيرون الآن إضافة إلى هذه المناحي من الإعجاز؟


هم يقصدون أن القرآن جاء بأشياء لم يكن يعرفها العرب إطلاقاً، لم تكن في حدود إدراك محمد ومعارفه ولا معارف عصره وجاءوا بأمثلة، مثلاً من ضمن الأشياء التي ذكرها بعض الأخوة واعترف بها علماء الأجنة مسألة تكوين الجنين ومراحل تكوين الجنين في بطن أمه، نطفة ثم علقة، ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة، بالضبط كما ذكر القرآن في سورة (المؤمنون) {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} هذه الأمور ما كان يعرفها الناس بالفعل؛ وهي تفاصيل مراحل تكون الجنين في بطن أمه.
* لكن تظل هذه مجرد (إشارات) علمية في القرآن؛ لأن القرآن الكريم ليس كتاب علم أصلاً!.
أتفق أن القرآن ليس كتاباً متخصصاً في العلم، ودائماً ما أقول للأخوة الذين يهتمون بالإعجاز العلمي.. أنتم تغفلون عن شيء مهم جداً جاء به القرآن أعظم مما تسمونه الإعجاز العلمي؛ القرآن جاء بتكوين للعقلية العلمية، فببساطة يمكن الإشارة إلى تلك الآية التي تحمل إعجازا علميا، إنما الذي يرقى بالأمة ليس ذلك. الذي يرقى بالأمة أن تتكون عندها عقلية علمية تكتشف قوانين الكون وأسراره.
هي ذاتها العقلية التي ترفض الظن {ومَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إلاَّ ظَناً إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً}، وترفض الهوى {إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ ومَا تَهْوَى الأَنفُسُ}، وترفض التقليد {إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم} {إنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ} ، وتأمر بالنظر في الكون {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا خَلَقَ اللَّهُ} وتعتبر التذكير عبادة وفريضة، وتعتمد البرهان {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البرهان العقلي في العقليات، البرهان بالمشاهدة في الحسيات، البرهان النقلي في توثيق النقليات {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ}..
تلك العقلية العلمية التي أنشأت الحضارة الإسلامية، العقلية التي أنشأها القرآن مسبقا ؛  فهو الذي جعل محمد بن أبي بكر الخوارزمي يخترع علم الجبر ويؤلف رسالة في علم المواريث والوصايا، الذي جعل ابن النفيس يكتشف الدورة الدموية وهو من فقهاء الشافعية، هذا هو الذي ينبغي الاهتمام به أكثر من الإشارات الإعجازية في القرآن.
العلاقة بين القرآن والعلم


* جوهر فكرة الإعجاز العلمي، هي التسليم "بحقائق علمية" وتوسعة النص القرآني ليوافقها، وتحكيمها فيه بأن تكون حاكمة عليه لنقول بعد ذلك: إن القرآن وافق العلم الحديث. أيهما يهيمن على الآخر: القرآن أم العلم؟ وكيف نتصور العلاقة بين القرآن والعلم؟
لا شك أن القرآن هو الذي يجب أن يهيمن على العلم؛ فالعلم هو عمل بشري متغير، والأمثلة كثيرة: كنا ندرس أن المادة لا تفنى ولا تُستحدث، الآن قالوا: إن المادة يمكن أن تفنى بل وتستحدث.
 كان العلماء قديماً أيام ابن سينا والفارابي وابن رشد - الذين كانوا يعتبرون فلاسفة العالم - كانوا يعتبرون أن العناصر التي يتكون منها العالم أربعة؛ الماء والهواء والتراب والنار ثم تبين أن هذه ليست عناصر بل هي مركبات وأن العناصر زادت على المائة..


الإنسان أصبح يعرف من حقائق الطبيعة وحقائق الكون أكثر مما كان يعرف أرسطو أكبر فيلسوف في تاريخ اليونان في ذلك الوقت، الآن العلم يتغير.. وبعد نظرية النسبية لأينشتاين تغيرت أشياء كثيرة جداً، فالعلم لا يقف عند حد، هذه طبيعة.. ولذلك لا يمكن أن نُحَكّم المحدود في اللامحدود، وأن نُحَكِّم المقيَّد في المطلق..
هذا بالنسبة للفرضيات والنظريات فلا يمكن أن نتخذ نظرية داروين كحقيقة علمية، لكن لا مانع من أن أتخذ الحقائق الثابتة وأنتفع بها في إلقاء الضوء على القرآن ..
* من هنا  كيف يمكن أن تكون العلاقة بين القرآن والعلم؟ وما هي المجالات العلمية التي يمكن أن يستخدم فيها القرآن؟
فعلاً هذا سؤال في غاية الأهمية، هناك أشياء ومجالات يمكن أن نستفيد منها في إلقاء شعاع على المعاني القرآنية، مثلاً توضيح مدلول النص القرآني؛ فالقرآن يقول: {وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } و {إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر} يعني كل شيء بحساب {الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} كل شيء موزون.. فإذا نظرنا للنبات ووجدنا فيه نسبة كذا للبروتينات ونسبة كذا للأملاح ونسبة كذا للمعادن ونسبة كذا .. بالميزان، بالجرام، بالملّي، لا مانع أبدا من أن نستفيد من هذا..
* هل تقصد أن العلم دوره موضح لخفايا الكون التي أشار إليها القرآن؟


بالطبع، فخلف تنظيم الكون تقف قدرة إلهية بالغة، وهناك كتاب تُرجم إلى العربية بعنوان "العلم يدعو للإيمان" يتحدث كاتبه عن كيفية قيام الحياة على الكرة الأرضية، وأن بالكون آلاف الترتيبات، بل ملايين الترتيبات؛ فالكرة الأرضية لو كان حجمها أكبر مما هي عليه ما كانت الحياة لتقوم على سطحها، ولو كان أصغر لأحرقتها الشمس .. والأمثلة كثيرة فكل شيء بمقدار ..
لذا ما المانع من أن نتكلم عن هذه الأشياء ونستفيد من هذه الكتب العلمية كما فعل سيد قطب - رحمه الله -  الذي كان من أشد المعارضين لاستخدام التفسير العلمي في القرآن والإعجاز العلمي، ولكنه كان يستفيد من هذه الأمور في توسيع مدلول النص؛ فيمكن أن أستفيد من العلم في تصحيح كلام المفسرين.. فقديماً قال المفسرون في قوله تعالى {ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قالوا هذه كلية أغلبية، فرؤيتهم أنه ليس كل شيء في الكون مزدوج، الإنسان فيه ذكر وأنثى، الحيوان فيه ذكر وأنثى، بعض النباتات مثل النخيل فيها ذكر إنما ليست كل النباتات, ليست كل الجمادات، الآن بعد اكتشاف الذرة وأنها تقوم على إلكترون وبروتون أصبح كل شيء في الكون قائمًا على موجب وسالب، فالازدواج كما قال تعالى: {سبْحَانَ الَذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ومِنْ أَنفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُون} فنحن نأخذ من العلم هنا لنصحح التفاسير.
وظيفة أخرى: وهي تقريب الحقائق الدينية إلى الذهن المعاصر هذا أيضاً مهم، حينما يقول القرآن {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}،{ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً}،{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} المفسرون القدامى كانوا يقولون وجدوا جزاء مما عملوا ليس العمل بمجمله؛ لأن العمل انتهى، كانوا يقولون العمل عَرَض والعَرَض لا يبقى زمنين.
أما الآن فيقول العلماء: إن أصواتنا موجودة في الكون، وكذا العمل.. كأن هذه الأعمال ستعرض علينا بذواتها، في شريط مسجل، {اقرأ كتابك} {ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}.
الإعجاز العلمي وإشكالاته


* يقول أصحاب الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) : إن الذرة هنا هي بمصطلح العلم أصغر وحدة في المادة. هل ترون في هذا خروجًا على المعجم اللغوي للقرآن لأجل موافقة العلم؟ أم هذا هو معنى الذرة؟
بالطبع لا .. لأن المفسر المتصدي لتفسير القرآن عليه أن يفسره في إطار اللغة العربية التي نزل بها، ولا يستخدم مصطلحات حادثة بعد القرآن ويفسره بها  .. يعني العربي حينما يفهم كلمة الذرة ما كان يفهم بها المعنى الطبيعي أو المعنى الفلسفي الذي يعني جوهر الفرد والأشياء.
وهذا ما لم يفهمه المفسرون، بل فهموا أنها أصغر شيء وليس المعنى الذي قال به علماء الفيزياء الذي لم يخطر ببالهم.
أضف إلى ذلك قول بعضهم: إن القرآن أشار إلى تحطيم الذرة في قوله تعالى: {ومَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّمَاءِ ولا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ}. المشكلة أن هناك أناسًا تبالغ؛ فماذا نقول في من يقول عن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} النفس الواحدة هي الإلكترون وزوجها البروتون.. غير أن ذلك ضرب من العبث .. وهذا كله من باب التكلف الذي يفرض على القرآن ما ليس من طبيعته.
* البعض يفسر الولع بالكلام عن الإعجاز العلمي بأنه نوع من المقارنة مع الغرب أو رغبة بالفرار من الإحساس بالفشل العلمي.. ما تعليقكم ؟
في رأيي أنه إذا كان المسلمون يريدون أن يخدموا القرآن حقيقة فعليهم أن ينشئوا علماء، أن يكون منهم علماء حقيقيون يكتشفون الكون ويسخّرون العلم لخدمة القيم الإيمانية والقيم الأخلاقية وخدمة البشرية، هذا هو الذي ينبغي أن نباهي به ..


*ينتقد البعض فكرة الإعجاز العلمي بالقول: لماذا لم يسبق المسلمون لاكتشاف تلك الحقائق العلمية من القرآن قبل اكتشاف الغرب لها، ما دام القرآن حقق السبق العلمي؟.
نعم لا فائدة إذا جاء بعدما اكتشفوه، أن نقول: القرآن سبق، لو كنا اكتشفنا نحن هذه القوانين بسبب القرآن يمكن أن نقول لهم: هذا علمنا إياه القرآن، إنما أن يأتي ذلك بعدما تعلمنا منهم .. لا.
* غالب الذين ينشغلون بالحديث عن الإعجاز العلمي هم من خارج دائرة العلوم الشرعية، وقد وضع العلماء شروطًا صعبة لتفسير القرآن فضلاً عما هو أخص من التفسير وهو الإعجاز. كيف ترون هذا الوضع؟


العلماء السابقون اختلفوا في هذه القضية، هناك من يرى أن القرآن اشتمل على كل علوم الأولين والآخرين مثل الإمام الغزالي، وهناك مَن يرى أن إقحام القرآن في هذا المجال هو نوع من التكلف الذي ينافي طبيعة القرآن وطبيعة الشريعة وطبيعة الأمة التي نزل عليها القرآن، إنها أمه أمية كما يقول الإمام الشاطبي في كتابه (الموافقات) وبالغ في قضية أمية الأمة وأمية الشريعة حتى رد عليه العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور بأن الإسلام وإن جاء إلى أمة أمية إلا أنه لم يمدح الأمية، الأمية ممدوحة في الرسول.. الرسول الأمي.. النبي الأمي، لأن نبيًّا أميًّا جاء بهذا كله، هذا معجزة، كفاك بالعلم في الأمي معجزة، إنما ينبغي على الأمة أن تخرج عن الأمية، وكان أول من حارب الأمية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في غزوة بدر جعل الأسير الكاتب يعلّم عشرة من أولاد المسلمين، هو النبي الأمي أول منحارب الأمية، المهم أن الإمام الشاطبي وقف ضد هذا الاتجاه،


 وفي عصرنا من العلماء من أيد هذا الاتجاه ولكن العلماء المحققين وقفوا ضد هذا بقوة كالشيخ أمين الخولي، والشيخ محمود شلتوت، والأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن وهو يفسر قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ} يقول: لا ينبغي أن نُحَكِّم العلم - الذي يتغير ما بين الحين والحين - بالقرآن.
* الإعجاز العلمي (وليس التفسير العلمي)، هو اتجاه وجد لدى المسيحية قبل أن يوجد لدى بعض المسلمين، فنجد كتابات عن الإعجاز العلمي في الكتاب المقدس، كيف ترون هذا التشابه؟
لا يوجد في الكتاب المقدس مثل تفاسيرنا، بالعكس وجد في الكتاب المقدس أشياء تخالف العلم، ولذلك فإن من الأشياء التي ينبغي أن نقررها هنا ونؤكدها - وهو ما قرره كل الباحثين والعلماء - أنه لا توجد في القرآن آية أوجزء من آية يخالف حقيقة علمية إلى اليوم. 14 قرناً مضت تغيرت فيها معارف البشر وتغيرت علوم من أساسها، لا يوجد حقيقة علمية يستطيع أحد القول إنها مخالفة لآية قرآنية، وصدق الله تعالى إذ يقول: {ولَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} هذه نفسها نوع من الإعجاز ينبغي أن نعترف ونباهي به، وها هو موريس بوكاي؛ هذا العالم الفرنسي الذي ألّف كتابًا في الكتب المقدسة وصِلَتها بالعلوم الكونية والرياضية وأثبت أن القرآن يفوق كل الكتب السماوية.
الإعجاز العلمي ووظيفته


* الهدف الأساسي للقول بالإعجاز العلمي هو إثبات (السبق العلمي) للقرآن، بهدف إثبات أن هذا القرآن من عند الله، فهل يمكن لهذا الأسلوب أن يقنع غير المؤمنين حتى نقول إن الإعجاز العلمي وسيلة دعوية مهمة اليوم؟


هذا ما سمعته من أخينا الشيخ عبد المجيد الزنداني وما سمعته من أخينا الدكتور زغلول النجار: أنه وسيلة ولكني لا أرى الناس يدخلون الإسلام بهذا، فالعملية ليست عملية عقلية فقط، وليس بمجرد أن يرى الإنسان هذا ويرى أنه لا يمكن أن يأتي محمد الأمي بهذا الأمر يقول آمنت بأن محمداً رسول الله، هناك أشياء كثيرة، فالإنسان يعرف الأمر بعقله ولكن تظل هناك حواجز والقرآن يقول {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ}. أحياناً يرى الإنسان شيئًا بسيطًا يهز قلبه ويحركه ويشهد أن لا إله إلا الله، بسبب تلك المسألة البسيطة جداً وليس بسبب هذه الأشياء التي يتعب فيها الآخرون، وأحياناً هناك من يُعجب بهذا ولكن لا يصل به إلى الإيمان، نعم قضايا الإعجاز ربما تفيد المسلمين أنفسهم فحينما نذكر للمسلمين ما في القرآن من إشارات إعجازية يعجبون بها أحيانًا ويزدادون إيماناً مع إيمانهم، وهذه ربما أنفع من جر الآخرين إلى الإسلام أنا لم أر أناساً أسلموا لأنهم قرؤوا في الآية الفلانية وكذا .. حتى موريس بوكاي الذي ألّف هذا الكتاب، بعضهم قال إنه أسلم وبعضهم قال لم يسلم، فعلى كل حال مسألة الهداية إلى الإيمان هذه لها دوافع وعوامل وأسباب كثيرة وليست مجرد اقتناع عقلي وليست بمجرد أن يقتنع الإنسان عقلياً يؤمن، هناك حواجز كثيرة، فهرقل آمن بأن محمدًا رسول الله بعد أن تكلم مع أبي سفيان بن حرب وسأله أسئلة في غاية الدقة وقال له: هذا النبي الذي كنا ننتظره في آخر الزمان.. لكن لما وجد أن رجال الدين هاجوا عليه وحاصوا حيصة حمر الوحش قال لهم: كنت أختبر إيمانكم، لأنه وجد ملكه سيضيع بسبب هذا، غلّب حب ملكه.. غلّب الدنيا على الآخرة، غلب هذا على الإيمان

------------

* [1]أصل هذا الحوار جرى في برنامج "الشريعة والحياة" في قناة الجزيرة الفضائية، أعده معتز الخطيب، وقدمه توفيق طه، وقد أعيد تحرير الحوار من جديد، مع تعديلات كثيرة تتضح بالمقارنة
.
http://www.islamonline.net

 

الذهاب الى قسم ردود يوسف القرضاوي على شبهات النصارى 

الذهاب الى قسم  الإسلام العظيم 


"
  أرسلت في الأربعاء 26 يوليو 2006 اعتمد بواسطة somaliano  


 

روابط ذات صلة
 · زيادة حول - يوسف القرضاوي
· الأخبار بواسطة somaliano


أكثر مقال قراءة عن - يوسف القرضاوي:
ردود يوسف القرضاوي على شبهات النصارى

  .  

تقييم المقال
 
المعدل: 3.2
تصويتات: 5


الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

  .  

خيارات
 
 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

  .  

"حديث عن الإعجاز العلمي" | دخول/تسجيل عضو | 0 تعليقات
اكتب اسمك أسفل تعليقك.

التعليق غير مسموح للضيوف, الرجاء التسجيل

عبد الباسط عبد الصمد

الرد على القمص إبراهيم لوقا

تنزيه القرآن الكريم

العقيدة المسيحية

الأسفار القانونية الثانية والأبوكريفا

الله واحد أم ثلاثة


برهانكم للرد علي شبهات النصارى مكرس للرد علي ترهات النصاري وتطاولهم علي الإسلام .. حقوق النشر متاحة للجمع ونرجوا ذكر صفحة المقال واسم الكاتب ..