لقد كتب لوقا رسالة إلي ثاوفيلس يحدثه
عن يسوع المسيح كما كتب الكثيرون قبله, لقد بذل لوقا مجهودا كبيرا في تتبع قصة يسوع ودقق في الروايات التي وصلت إليه كما ذكر في افتتاحية بحثه " رأيت أنا أيضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس " لوقا 1/3 .. هذه الرسالة التي كتبها لوقا إن كان فعلا قد كتبها عرفت فيما بعد بإنجيل وفقا للوقا وهو الإنجيل الثالث في
العهد الجديد, أعتبرت الكنيسة هذه الرسالة ذات الطابع الشخصي وحيا مقدسا دون ان يذكر صاحب الرسالة إن خطه بيراعه إلي صديقه هو وحي تلقاه من الله,
لماذا لم يذكر لوقا إن كل ماء في رسالته إلي صديقه ثاوفيلس قد تلقاه من الله
أجاب نيافة
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير عن هذا السؤال وقال
لأنه لم يكن هناك من يشك فيه
وأضاف قائلا
" يعني مثلا, نلاقي عند الإحوة المسلمين في القرآن لما يركز كثير انه وحي يوحيا .. نلاحظ انه غالبا كلما ذكرت عبارة التأكيد علي ان هذا الكلام وحي, نلاقي انه موجه له اتهام من العرب الرافضين النبوة المحمدية, ولأنهم رافضين ومش مصدقين ان ده وحي, كان ( محمد ) يلح ويكرر ان ده وحي .. انما هذا وحي يوحي ... كويس ..
وإذا نظرنا الي الآيات دي نلاقي ان معظمها أو نسبة كبيرة منها .. آيات الإلحاح مرتبطة بحطة التهمة ان ده مش وحي .. يعني التهمة هي اللي تحليه حطة الإلحاح دي .. يعني الإلحاح مرتبط برفض العرب أو من يسمون بالمشركين اللي رفضوا الإيمان بهذا الكتاب, ومن الطبيعي ان يدافع عن نفسه "
نقلنا هذا الجزء من حديث القس بالعامية وحرفيا قدر الإمكان حتي لا يظن اننا نلوي أقوال القس
وأضاف القس أبو الخير قائلا
أما بالنسبة لإنجيل لوقا فلم يوجه له إتهام يدفعه إلي الدفاع عن نفسه, إذ ان الناس هي التي طلبن من لوقا تدوين الإنجيل !!! كما طلبوا من القديس متي ومرقص أن يكتبا وكل التلاميذ شهدوا له وإنجيل القديس متي يشهد له والتاريخ وآباء الكنيسة يشهدان ان لوقا كتب انجيله ملبيا طلب أناس معينين وهذا الطلب الذي دفعه إلي البحث والتدقيق ومقالة الناس لتسجيل الأحداث, دليل انه كان مساقا بالروح القدس, لأنه كان رفيقا للقديس بولس وتلميذا له ورغم ذلك كان بولس يستشهد من كلام لوقا بإعتباره من الكتاب والكتاب وحي, لذالك لم يكن الكتبة في حاجة إلي تذكير الناس بأنهم يوحي إليهم أو أنهم يكتبون وحيا أو الروح القدس توحي إليهم لأنهم أخذوا الإنجيل الشفوي من هذه الناس فلن يشكوا لحظة واحدة إذ أنهم يعرفون انه يوحي إليهم ولأنهم يدركون انه يوحي إليهم لم تكن هناك حاجة إلي تذكيرهم بأنه يوحي إليهم فقد كان هذا أمرا بديهيا ومسلما به ولم يكن هناك أحد يشك أبدا ... أكرر مرة أحري .. عدم ذكر الرسل انه أوحي إليهم ليست حجة ضدهم ولكن حجة العاجز
لعل القارئ يتساءل .. هل هذه أقوال من وصفناه بالبراعة ؟؟ نعم هذه أقوال القس الذي نال إعجابي ولولا إني سمعته بنفسي وسجلت الحديث الذي دار بيننا لما صدقت, ولكن الحقيقة هي انالقمص عبد المسيح بسيط في أقواله هذه ليس إلا كالمحامي البارع الذي يدافع عن قاتل معترف
,
لقد منحني القمص الفرصة للتعبير عن رأيي ولأنه امتلكني بتواضعه كان علي أن أنتق الكلمات فسألته ما ان كان الله أوحي الي كل مسيحي وأخبره ان رسالة لوقا الي صديقه وحي قد أوحاه إليه, ثم قلت له انه محق في وجود من أنكر ان القرآن وحي وهؤلاء هم المشركون ويخبرنا الله ويخبر المشركين ان القرآن وحي بالدليل والبرهان ليقيم الحجة علي المنكر .. ويري حضرة القس ان محمد صلي الله عليه وسلم يكرر ان القرآن وحي للدفاع عن تشكيك المشركين, ولكن هذا ينطبق علي الكتاب المقدس أيضا إذ انه آمن به البعض وأنكره البعض الآخر, الفرق الوحيد هو انه لم ينكر القرآن مسلم وأنكر الكتاب المقدس كثير من النصارى منهم الأسقف بولس سموساتا كما أخبرنا يوسبايوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة ويذكر يوسبيوس في الجزء 3 الفصل 25 يذكر الأسفار المرفوضة من الكنيسة ومنها رسالة يعقوب, رسالة يهوذا, رسالة بطرس الثانية, رسالتي يوحنا الثانية والثالثة بالإضافة إلي سغر الرؤيا, بل ان القديس ديوناسيوس وصف كاتب سفر الرؤيا بالشهوانية كما جاء في الجزء 7 الفصل 25
قدم القمص عبد المسيح بسيط أسبابا مقنعة لعدم قبول بعض هذا الرسائل المذكورة دون ان يدرك أنه بذلك يهدم المبررات التي قدمها في رده علي عدم ذكر لوقا انه يوحي إليه , وكما إن القس لم ينتبه إلي معضلة تناقض جوابيه لم أنتبه بدوري إلي استحالة الشك في قول لم يقل أو تكذيب دعوة لم تقم, أي انه لا يعقل ان نقول للوقا : انك كاذب ولم يوحي إليك دون ان يدعي انه أوحي إليه والرجل لم يدعي ذلك بل صرح أنه كأي مؤرخ بحث في الأمر ودقق في المصادر فكتب ما توصل إليه هذا إن كان لوقا أصلا هو الكاتب لأن صاحب الرسالة لم يذكر أصلا ان اسمه لوقا والكنيسة هي التي قررت ان تنسبه إلي رجل مجهول كل ما يعرف عنه ان اسمه لوقا وانه كانا طبيبا رافق بولس ولكن لا أحد يعرف ما ان كان لوقا الروماني أم لوقا اليهودي فهناك أكثرمن لوقا رافقا بولس كما يفهم من أعمال الرسل 21/29 وكلوسي 4/11
إن عدم معرفة هوية لوقا دلالة علي ان من نسبوا الرسالة إليه لم يعاصروه كما ان لوقا الطبيب الذي رافق بولس ما كان بحاجة إلي مشقة البحث والتتبع والتدقيق في الكتابة إلي صديقه الوثني وكان يكفيه ان يرسل اليه نسخة من أنجيل أحد أصدقائه الذين كتبوا قبله كمتي العشار ومرقص إلا أذا كان لم يكن يثق فيهم فاحتاج إلي التدقيق والتتبع وكأن الله ا لم تخبره ان متي كتب مساقا بالروح القدس ولا حاجة إلي التتبع لأن كل الكتاب موحي به ونافع للتعليم, أم يحق للوقا التشكيك في الأناجيل والتدقيق فيها ولا يحق لنا
الإجابة المنطقية لهذه التساؤلات هي افتراض عدم معرفة لوقا بإنجيلي متي ولوقا خاصة انه لم يسمهما حين ذكر عن من كتبوا قبله, بالطبع هذا يعني ان الكاتب ليس لوقا مرافق بولس إذ انه لا يمكن لرفيق
بولس ان لا يسمع عن إنجيلي متي ومرقص إلا إذا كانا لم يكتبا بعد وهذا اقرب تفسير خاصة انه لم يذكر أحد من الآباء هذه الأناجيل بالإسم ما قبل منتصف القرن الثاني فهل يعقل ان شخصية مثل البابا أكلمندوص الروماني لا يسمع عن
الأناجيل لو كانت موجودة
البابا إكليمندس الروماني في رسالته الوحيدة التي تعترف بها الكنيسة ( الرسالة الأولي الي كورنثوس ) يقتبس كثيرا من العهد القديم وأكثرها مطابقة للنصوص التي بين أيدينا حاليا لكن ذلك لا ينطبق مع العهد الجديد, كما اننا لا نجد سوي قولين يمكن ان نجد لهما مثيلا في الأناجيل الأربعة ولكن البابا لم يذكر الأناجيل كمصدر لهما لسبب بسيط وهو ان الأناجيل لم تكن قد كتبت
القول الأول هو ما جاء في الفصل الثامن حيث يقول
القديس إكليمنضس الروماني ان الرب قال
كونوا رحماء كي ترحموا أغفروا لعل يغفر لكم فكما تفعلون يفعل بكم وكما تدينون تدانون وبقدر رحمتكم ترحمون وبالكيل الذي تكيلون يكال لكم ( انظر لوقا 6/36 ومتي 7/2)
القول الثاني جاء في فصل 46 ويقول
تذكروا كلمات ربنا ( سيدنا )
يسوع المسيح إذ قال " ويل له ذاك الرجل, خير له لو لم يولد من أن يضع حجر عثرة أمام من اخترتهم, خير له ان يعلق حجر الرحي حول عنقه ويطرح في أعماق البحار ( انظر لوقا 17/2)
القديس أكليمندس الروماني اقتبس من
رسائل بولس بدرجة أكبر ومن
العهد القديم باستفاضة غير أنه لم يلمح ولا مرة إلي قدسية الاقتباسات من العهد الجديد بينما في اقتباساته من العهد القديم استخدم عبارات تشير إلي كتاب موحي به كعبارة " كما هو مكتوب " أو " وجاء في الكتاب "
( انظر لوقا 17/2)
قد يسأل احد ما, من أين جاء
القديس اكليمندوس الروماني بهذه الأقوال إن لم تكن من الأناجيل والجواب علي ذلك انه ينقل الروايات الشفهية ولا يستبعد انه يتحدث من أناس عاصروا المسيح إذ إن أكلمنضس كتب رسالته قبل القرن الثاني بقليل ويلاحظ انه استخدم عبارة " تذكروا " التي تشير إلي الروايات الشفهية خاصة وانه لم يستخدم عبارة تشير إلي أي مصدر مكتوب عكس اقتباسات العهد القديم كما ذكرنا,
ومن هنا يتضح لنا استحالة كون لوقا قد كتب الإنجيل المنسوب إليه إذ ان لوقا المشار إليه مات قبل كتابة أكلمندضص بفترة ليست قصيرة
محمود أباشيخ - صوماليانو
الرجوع الي خربشات صوماليانو
خربشات مسيحية
"