This page was saved using WebZIP 7.0.3.1030 offline browser on 12/21/13 11:32:30 ص.
Address: http://www.burhanukum.com/article1870.html
Title: اضطهاد الأقباط - محمد الغزالي  •  Size: 49078
قل هاتوا برهانكم عقائد وأديان مسيحيات برهانكم للرد علي شبهات النصارى

آباء الكنيسة
 
الباترولوجي
[ الباترولوجي ]

·التثليث عند آباء الرسوليين
·العلامة ترتليانوس والزواج الثاني
·بابياس أسقف هيرابوليس
·بوليكاربس في الميزان
·القديس اغناطيوس الأنطاكي
·القديس أغسطينوس والإرهاب الديني
·الحرب العادلة في فكر أوغسطينوس
·جون كالفن
·الباترولوجي - آباء الكنيسة
·الكذب .. السر الثامن من اسرار الكنيسة
  .  

خربشات صوماليانو
 
خربشاتـــصوماليانو
[ خربشاتـــصوماليانو ]

·هل يلد الله ويولد
·سويعات في برية التيه
·الإختلافات العددية في الكتاب المقدس
·البابا شتودة: المسيح لم يقل أنا الله أعبدوني
·بولس الرسول كبير الغنوصيين
·الغنوصية والرهبنة في الأناجيل
·تيري جون وثقافة الحرق
·ديونيسيوس يعقوب السرياني وضياع الأسفار
·سيدعى ناصريا
·التسامح سلاحنا في وجه شنودة
·القمص يوحنا سلامة : البروتستانت حرفوا الكتاب المقدس
·الدوناتستيون
  .  

الرد علي زكريا بطرس
 
شطحاتــزكريابطرس
[ شطحاتــزكريابطرس ]

·المسيح الجبار
·مسرحية نشيد الإنشاد
·النكاح في الجنة وشطحات زكريا بطرس
·انتهى زكريا بطرس كغيره والإسلام باق
·أحلام زكريا بطرس
·تأملات في نشيد الأناشيد
·نشيد الإنشاد كأشعار رابعة العدوية
·هلوسات زكريا بطرس
·الرد السماوي على زكريا بطرس
·بيان الشيخ الزغبي
·الرب مخلص مسيحه
·زكريا بطرس يبكي علي أطلال قناة الحياة
  .  

صوماليانو
 
تعدد الزوحات لماذا ترعب الكنيسة
البابا غريغوريوس الثاني وتعدد الزوجات
ضيوف الأنبا بيشوي أم أتباع الغزاة
ضمان الخلاص والجنة
العتل الزنيم مرقس عزيز
لا محلل ولا طلاق لأن العصمة في يد الأنبا بولا
  .  

اضطهاد الأقباط

 - محمد الغزالي

ردا على الصلبيي جاك تاجز


 ... "يؤلمنا أن نفرا من الأقباط قد اقتنع بالخطة الصليبية وقرر تنفيذها. ونقول: نفرا منهم، لأنا نعرف كثيرين منهم على قسط كبير من دماثة الخلق وعدالة الحكم ومعرفة الواجب. أما النفر الأخر فهو يرجو للمسلمين العنت. ولو استطاع لألحق بهم الأذى ومسلكه ـ إذا تولى وظيفة ـ هو علة الاضطراب الذى يعكر ما بين المسلمين والأقباط من علاقات. وأظن أن واجب الأقباط ـ قبل المسلمين ـ يتقاضاهم إقصاء هذا الصنف الحقود من ميدان الحياة العامة، فإنه لو ملك زمام طائفته جر عليها الكوارث. أما المسلمون، فإنهم لم يكتفوا بالعدل حتى ضموا إليه الفضل، فكان إحسانهم إلى الأقباط سيلا غدقا. والكاتب الكاثوليكى ( جاك تاجز)  الذى تكلم عن أحوالهم منذ الفتح يذكر فى جلاء تام أن الحكومة المسلمة وظفت الأقباط فيما يصلحون له من أعمال. فكتب ص 105 تحت عنوان : " الأقباط يحتكرون الأعمال الإدارية ": " إن الأحداث التى ذكرناها لا تعنى أن الأقباط كانوا تعساء تحت حكم الولاة العرب، بل إنهم كانوا أسعد كثيرا مما كانوا عليه أيام الرومان، وبالرغم من جهود الخلفاء واهتمامهم بتطبيق تعاليم القرآن، فإن الأقباط لم يقتصروا على شغلهم الوظائف الإدارية فحسب، بل كان لهم الأمر والنهى فى بعض الأحيان، وبقى نظام الضرائب والحسابات بين أيديهم مما أتاح لهم الفرصة لتحقيق مكاسب كبيرة.




وكذلك يمكننا أن نقول: إنه فيما يتعلق بالأقباط ظلت تعاليم القرآن غير معمول بها .
وقد أظهر الخلفاء مرارا رغبتهم فى إبعاد الأقباط من الوظائف الإدارية، كما أظهروا خيبة أهلهم ـ شفهيا إن لم يكن كتابيا ـ ! كلما وجدوهم فى مناصبهم، ولكن دراية " عمرو بن العاص " السياسية تغلبت على تزمت " عمر " الدينى.. ".
هذا الكلام الذى ذكره الكاتب، تلمح فى ثناياه مشاعر الخسة، ونكران الجميل، والكراهية العميقة للإسلام وأهله.
فلو أن لديه ذرة من إنصاف لذكر الحقيقة مجردة واعترف ـ راضيا أو ساخطا ـ بآثارها البارزة.
إن الأقباط وظفوا فى شتى الأعمال وعلى مدى القرون.
فأما أن يقال: إن ذلك كان ضد تعاليم القرآن، وأن الفضل فيه لعمرو ـ كأن "عمرا " طال عمره ألفا من السنين وثلاثمائة أخرى !!! ـ فكلام معروف أن الطعن فى الإسلام هو باعثه وغايته!.
لقد وظفت الحكومة الإسلامية الأقباط، لأن الإسلام برىء من التعصب الأعمى.
وإلا فما الذى يضطرها إلى ذلك؟ إن احتاجت إليهم سنة أمكنها الاستغناء عنهم فى السنة التالية، بإخوانهم الذين أسلموا ودخلوا فى دين الله أفواجا.
وذلك كله على التسليم بأن فى الأقباط كفاية إدارية وحسابية امتازوا بها على العالمين، كما يزعم هذا الكاتب المسكين..
وإيغال هذا الكاتب فى شططه يثير الاستنكار.
فهو لما رأى الأقباط يوظفون فى كل عهد، بدأ يعلل لكل عهد.
فالحاكم هنا محتاج إليهم.
وهنا يريد الاستقلال بمصر.
وهنا كان له أستاذ قبطى.
وهنا كانت له زوجة قبطية.
وهنا لأنه نصرانى فى السر! وهكذا...
فإذا فصل الأقباط من عمل صاح: عاد الحكم إلى تعاليم القرآن.
ونحن لا نقف عند نقيصة شخص كنود يجحد آلاء الإسلام عليه وعلى آله.
ولكننا نجزع ونفزع عندما نرى هذه النعمة التى أسداها الإسلام قد كفرت على نطاق واسع، وأن الموظفين الأقباط يعتبرون هذه السماحة المشكورة لونا من الغفلة الكبيرة تتيح لهم إيذاء المسلمين المسترسلين فى نقاوة صدورهم وبساطة سلوكهم، وتمكنهم من إعلاء ديانتهم وخدمة مأربهم!!.
وأنهم ـ كهذا الكاتب ـ وهو موظف يأخذ مرتبه من حكومة مسلمة ـ لا يرون فى الإسلام إلا خرافة انتشرت بالعدوان، فيجب أن تسام أمته سوء العذاب.
نحن لا نرسل القول على عواهنه.
فهذا الكاتب نفسه يحكى من أحداث التاريخ السود ما يدمغ أمثاله بالخسة والجحود.
أليس يذكر أن الخليفة " أبا جعفر المنصور " أصدر أوامر دقيقة بإبعاد الذميين من الوظائف؟ ولماذا؟ يقول فى ص 106: " إن هذا الإجراء لم يُمَهَّد له من قبل، بل كان وليد ساعته، فقد تقدم إلى الخليفة فى أثناء فريضة الحج بعض المسلمين، والتمسوا أن يحميهم من جور النصارى".
ويقول فى ص : " الواقع أن الذميين لم يقالوا من وظائفهم دفعة واحدة.
فإنهم ـ فى خلافة المهدى ـ أصبحوا أصحاب الأمر والنهى وأظهروا كبرياءهم حتى سخط عليهم المسلمون واحتجوا على ذلك ".
ويقول بعد ذلك: " استمر النصارى يتمتعون بشغل الوظائف كما كانت حالهم فى الماضى.
وأحسن دليل على ذلك ما صرح به المأمون لكاتم سره، لما كان فى مصر، قال: "..
لقد سئمت من الشكايات التى أتلقاها ضد النصارى، بخصوص اضطهادهم للمسلمين وعدم نزاهتهم فى إدارة الشئون المالية ".
إن هذه الشكايات لم يختص بها عصر بعينه، حتى نعرض عنها، باعتبارها حالة شاذة، بل سبقت فى العهد الأموى، واستمرت فى العصر العباسى، وترددت فى مصر أيام الفاطميين والمماليك والأتراك.
واطراد الشكوى على هذا النحو الدائم، قد يفسر لنا سلسلة الأوامر التى كانت تصدر بعزل الأقباط عن الأعمال العامة، وتنحيتهم عن المناصب التى يدفعهم التعصب الأعمى إلى ظلم الكثرة فيها.
على أن الأقباط لا يلبثون طويلا حتى يعودوا إلى أعمالهم.
ولعل ذلك يرجع إلى أمرين: الأول: أن سماحة الإسلام تجعل الشعب سريع النسيان، قليل الاهتمام بملاحقة الفروق الدينية، ضعيف الأخذ لنفسه إذا وقع عليه عدوان أساسه التعصب.
والآخر: أن فساد الحكم داء عضال فى بلاد الإسلام.
فكثير من الولاة يحب السكر والعربدة والكبر.
ولن يعينه على دناءته تلك إلا أحد رجلين، إما مسلم لا دين له، وإما رجل ليست له بالإسلام صلة، يهوديا كان أو نصرانيا، ومن ثم كانت حواشى الأمراء فى أغلب العصور تضم هذين الصنفين.
وقد أحسن الأقباط استغلال هذه الحال استغلالا كبيرا لمصلحة طائفتهم الخاصة، ونالهم من ورائها مغانم جزلة.
والأقباط لا يلامون علي هذا، إلا إذا كنا نكلفهم حراسة الإسلام إن نام أهله عنه! وإنما نحن نهز رءوسنا عجبا إذا سمعنا أحدا منهم يتهم المسلمين بالتعصب.
وكان أولى به أن يتهمهم بالغباء..
إلا إن كان فى اتهامه الأول ماكرا أو هازلا.

وعندما اقتحم الإنجليز قناة السويس، وأذلوا الوادى سبعين عاما، كان الإسلام مصابا بطعنات نافذة من حكامه الخونة.
ونظر الإنجليز إلى الدين الجريح وأهله المقهورين، ثم قرروا الإجهاز عليه وعليهم.
فرأى اللورد " كرومر" أن يحكم البلاد بنفر يتخيرهم من الموظفين الأقباط.
وقرر أن يستكثر منهم استكثارا بالغا فى الدواوين والمصالح والمناصب الهامة.
وأن يضيق الخناق على الأكثرية، متخذا آلاف الحيل لحرمانها من حقها.
وإن كان لابد من توظيف بعضهم فى عمل ما، ففى أشغال الخدمة والدرجات الدنيا فحسب!!.
وهذه سياسة صليبية قصد بها القضاء على الإسلام بأساليب " الدبلوماسية" الخبيثة التى برع الإنجليز فيها.
وكانت جرأة "كرومر" على وضع هذه الخطة وتنفيذها مستمدة من جهل الحكام الكبار جهلا مطبقا بالإسلام وحقوق أهله، مما خيل إلى هذا الإنجليزي السليط أن فى وسعه إعادة الحياة فى مصر إلى ما قبل دخول " عمرو بن العاص "..
فلما استفاق المسلمون من آثار النكبة التى صرعتهم وقاموا يناوشون أعداءهم، ويغالون بحياتهم ودينهم، بدا كأن الأقباط يريدون الاحتفاظ بمنهج "كرومر" فى سياسة التوظيف (!).
وحمل لواء هذه الفكرة الخاطئة لفيف من المتهوسين الأغرار، فى مقدمتهم الصحافى المعروف " سلامة موسى!.
إن قلة الإنصاف تمزق الأرحام القريبة.
أفتراها تبقى على عقد بين شريكين، أو عهد بين مواطنين؟؟.
وإذا كان القرآن قد أوصانا بالأقباط إقساطا وبرا، ونبى القرآن عهد إلينا أن نسدى إليهم إحسانا وخيرا، فهل مما يستزيد تلك المشاعر النبيلة، ويستدرها أن نقسط فيقال: مضطرون! أو نحسن فيقال: مغرضون!.
فإن كنا أقوياء خودعنا، وإن عرض لنا ضعف وجدنا الشماتة والتحدى.
ونحن لا نأسى على ما دار من نزاع ـ طال أو قصر ـ حول سياسة التوظيف، بقدر ما نأسى لمسلك الموظفين الذين ائتمنتهم الكثرة على مصالح الدولة.
فإذا بالتعصب يسدل على أعينهم ليلا طويلا، لا يرون فيه إلا أشباحا تخلقها الكراهية العميقة للإسلام وأهله.
ذكر القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى..
" أنه فى أيام " الآمر بأحكام الله الفاطمى " امتدت أيدى النصارى بالشر، وشمطوها بالخيانة، وتفننوا فى أذى المسلمين، وقد استعمل منهم كاتب يعرف "بالراهب " لقب بالأب القديس، الروحانى النفيس، أبى الآباء وسيف الرؤساء، مقدم دين النصرانية، وسيد البطريركية، وصفى الرب ومختاره، وثالث عشر الحواريين.
صادر هذا " القديس " عامة من فى الديار المصرية من كاتب وحاكم وجندى وتاجر.
وامتدت يداه إلى الناس على اختلاف طبقاتهم.
فخوفه بعض مشايخ الكتاب بخالقه وباعثه ومحاسبه! وحذره من عواقب صنعه وأشار عليه بترك ما يكون سببا فى هلاكه، وذلك بمحضر من كتاب مصر وقبطها.
فرفع عقيرته قائلا: " نحن ملاك هذه الديار حرثا وخراجا، ملكها المسلمون منا، وتغلبوا عليها وغصبوها من أيدينا.
فنحن مهما فعلنا بالمسلمين فهو قبالة ما فعلوا بنا، ولا يكون له نسبة إلى من قتل من رؤسائنا وملوكنا (!) فى أيام الفتوح.
فجميع ما نأخذه من أموال المسلمين، وأموال ملوكهم وخلفائهم حل لنا، وهو بعض ما نستحقه عليهم.
فإذا حملنا لهم مالاً كانت المنة لنا عليهم!.
فاستحسن الحاضرون من النصارى والمنافقين ما سمعوه منه ! واستعادوه.
أهـ.
نقل الكاتب الصليبى (جاك تاجز ) هذه الرواية، وكأنه يوعز إلى الموظفين الأقباط أن يعتنقوا أفكارها الباطلة ويسوسوا مصالح الدولة على هديها!!.
ولما كانت هذه المعانى التى هرف بها " الراهب لما متوارثة متداولة، فإننا نستغرب شيوعها ونتساءل عن بواعث تكرارها؟.
لقد دخل الإسلام مصر وهى مستعمرة للرومان فحررها، مما جعل أقباطها ينتعشون بعد هزال و ضعة.
ثم ارتضى القسم الأكبر من الأقباط أن يعتنق الإسلام دينا، وبقى الفريق الأقل على نصرانيته.
ولم يستأثر من أسلم بوظائف الدولة كلها، بل منح مواطنيه حظهم منها.
فهل يكون جزاء المسلمين على إنصافهم واعتدالهم أن يحاول الفريق الأقل انتهاب كل شئ استغفالا لرئيس الدولة واستهتارا بجمهور الشعب على النحو الذى قرأت نبأه؟.
لماذا تنبض القلوب بهذا الحقد الدفين على دين آثر العفو على العقوبة؟ واختار الجود على الشح؟.
إن النصرانية استأصلت خصومها استئصالا بشعا.
فهل الإسلام ـ حين يستبقى خصومه ويتلطف إليهم ـ يلقى منهم جزاء سنمار؟.
لقد ضاق جمهور المسلمين بما وقع عليهم من عدوان الراهب " ابن أبى النجاح " المستولى على الخليفة الفاطمى فقتل الراهب والخليفة ثم تعرض الأقباط بداهة لمعض الإيذاء.
بيد أن مسلك الموظفين لم يطرأ عليه تغير كبير.
فقد ظلوا على عبثهم بمال الدولة، وبقيت نظرتهم الضيقة العطنة إلى أنه حل لهم، تعبون منه كيف شاءوا، محتجين بأنه حقهم الذى اغتصب منهم منذ الفتح!.
حتى جاء " نابليون بونابرت " إلى هذه البلاد، ورأى فى فترة الاحتلال الفرنسى وانقطاعه هو ورجاله عن وطنهم أن ينظم شئون الإدارة والمال، فهالة ما كان يصنع الأقباط بها، وفطن إلى سيرتهم المريبة.
وإنك لتقرأ اعتراف الكاتب نفسه بهذه الحقيقة فى قوله فى ص 213:"..
نعم إنه استعان بهم فى جباية الضرائب كما فعل المماليك من قبل لكنه اتخذ هذا الإجراء مرغما، إذ كان يتحدث عنهم بقسوة شديدة فيقول: " إنهم لصوص مكروهون فى البلاد غير أنه تجب مراعاتهم لأنهم يعرفون الأصول العامة لإدارة البلاد دون سواهم ".
لذ لك عين المعلم، جرجس الجوهرى" مباشرا عاما وخوله السلطة على سائر المباشرين، وعلى أن يكون معه موظف فرنسى لمراقبته.
ثم لم يزل "بونابرت "منذ هذه اللحظة يترقب أول فرصة للتخلص من الجوهرى.
فلما ترك القائد الفرنسى مصر أرسل إلى الجنرال "كليبر" كتابا مؤرخا فى 22 أغسطس 1799 يقول فيه بصراحة: "...
كنت مزمعا ـ إن سارت الأمور سيرها الطبيعى ـ أن أضع نظاما شديدا للضرائب يجعلنا نستغنى تقريبا عن خدمات الأقباط... " .
وفى صفحة 219 يقول: " خلف "مينو " الجنرال "كليبر".
ولما كان "مينو " رجلا إداريا فقد أظهر ريبته من المباشر القبطى الذى كان غير محبوب من الفرنسيين، وكان الفرنسيون يعاقبون ـ بقسوة ـ المباشرين الأقباط الذين اختلسوا الأموال.
وكانوا يتربصون الفرصة للاستغناء عن هؤلاء الموظفين الغير مخلصين " غير مخلصين " وفى شهر "فاند ميير" عام 9 من الثورة اتهم "أستيف " الأقباط باختلاس 1293143 جنيها على حساب دافعى الضرائب، فأمر " مينو" بالقبض على المباشر " أبى طقية " وتغريمه 750000 جنيه لتعويض الخسائر ".
ومسلك " مينو " فى تغريم الأقباط هذه المبالغ الجسيمة يفسر لنا ما كان يصنعه الولاة من مصادرات متكررة لما يتجمع فى أيدى الأقباط الموظفين من أموال."
10851 ... "252وكان الكاتب الصليبي يعتبر ذلك آية تعصب المسلمين، وافتياتهم على الأقليات و.. و..
وليس استردادا لما وقع من سرقات.
ويقول الكاتب نفسه: "..
نقرأ أيضا فى البند الرابع من الأمر المؤرخ " فاندميير" عام 10 الخاص بإعادة تنظيم الإدارة المصرية.
" إن الأقباط ما هم فى مصر إلا أقلية مكروهة من المسلمين لأنهم يعملون على إثارة هذا الحقد عليهم.
إنه يجب أن نضمن لهم العدل والحرية.
ولكن ليس من الحكمة ـ بل من الخطر ـ أن نتحالف معهم ونمنحهم امتيازات، لذلك سيحضر رؤساؤهم ورؤساء الأمتين اليونانية والسورية جلسات الديوان على أن يكون رأيهم استشاريا فحسب " وعمل "مينو" على تحقيق مشروع "بونابرت " الخاص بتجريد الموظفين الأقباط من امتيازاتهم.
فألغى ـ فعلا ـ وظائف المباشرين فى النظام الإدارى الجديد" ص 220.
إن الحكومة لا تقوم على السرقة، وشئون الدولة لا تصلح بالفوضى.
ومهما رحب الأقباط بدخول الفرنسيين مصر، فإن قواد الحملة لا يكترثون بهذا الترحيب إلا فى حدود ما يضمن انتظام الأمور فى أيديهم.
وقد انتفعوا بالأقباط ـ رجالا ونساء ـ على ما سنعلم بعد، انتفعوا بهم على الأسلوب الذى يتقنه المحتلون الأجانب دائما، عندما يضربون كتلة الشعب ببعض الخونة.
فليسوا ـ فى أيديهم ـ إلا أدوات تستعمل بقدر، ثم تهمل إذا قلت جدواها.
وقد احتال "نابليون " لترضية المسلمين بكل ما لديه من وسائل.
لكن المسلمين أبوا إلا الثورة عليه، فما اعتبروه إلا مغامرا لإذلالهم وغصب بلادهم.
أما النصارى فقد انضموا إليه قلبا وقالبا.
فكان هم نابليون الأول أن يعالج من استعصوا عليه بعد أن وضع فى جيبه من استراحوا لمقدمه.
فكتب لقواده فى مناسبات عديدة يقول لهم: " مهما فعلتم تأكدوا من أن النصارى فى صفكم، فلا تترددوا إذن فى تفضيل المسلمين على النصارى!.
وكرر هذا القول على الجنرال "كليبر" قبل رحيله إلى فرنسا.
ولما انتصر على القوات التركية فى "أبى قير" وأراد أن يطمئن الأعيان والعلماء صرح علانية: " نعم إنى أكره النصارى ، لقد سحقت ديانتهم وهدمت هياكلهم وقتلت قساوستهم، وهشمت صلبانهم، ونكرت أيمانهم.
وعلى الرغم من ذلك.
فإنى أراهم يفرحون لفرحى ويتألمون لألمى.
فهل من المعقول أن أعتنق من جديد الدين المسيحى؟ وما هى الفائدة التى سأجنيها من هذا العمل؟ أ.
وهذا التصريح يومىء إلى ما صنع أنابليون ! فى أوروبا عندما حمل روح الثورة الكبرى فى فرنسا ثم طوف بها الآفاق، وأزاح العوائق التى وضعتها الكنيسة فى طريقه.
وكانت الكنيسة يومئذ معقل الرجعية التى آزرت الملوك وأهانت الشعوب وقد جاء " نابليون " مصر بهذه الروح.
فهو ابن الثورة التى كفرت بالنصرانية خادمة الاستبداد، وقاهرة العلماء، وقاتلة الحريات.
غير أن أقباط مصر هرعوا لاستقباله بوصف أنه رجل مسيحى جاء ليحتل بجيشه بلاد الإسلام.
ولم يترددوا فى تكوين فرقة مقاتلة تنضم إلى عسكره برغم أن هذا القائد لم يتناول الأمور بعاطفة صليبية متعصبة.
فهو ـ أولا وآخرا ـ وليد ثورة معروفة المبادىء والأهداف، لم تبال بتحطيم الكنيسة وقتل قساوستها عندما وقفت ووقفوا فى طريقها.
ونحن نكرر العجب من مسلك الأقباط بإزاء من عاشوا معهم عصورا وتركوا لهم الوظائف المالية يعبون منها كيف يشاءون.
ـ أجل نعجب!.
فما كذلك يرد الجميل، ولا كذلك يدافع عن الوطن، الوطن الذى يزعمون أنفسهم أصحابه الأولين.
أيبلغ التعصب ضد الإسلام أن يرفض فى ظله الأمان، وتقبل فى ظلال غيره الدنية؟! ولكن … إن هذا هو الذى حدث.
بطر المدللين: أجمع المؤرخون على أن الأقباط كانوا مستذلين أيام احتلال الرومان لمصر، وأن هذا الاستذلال بلغ مداه قبيل الفتح الأعظم.
فإن الرومان، وإن كانوا نصارى يومئذ كأهل مصر، إلا أن الاستعمار لا يعرف غير علاقة السيد بالعبيد.
يضاف إلى ذلك ما قررناه من اختلاف الآراء فى فهم عقيدة التثليث.
فإن أقباط مصر كانوا " يعاقبة " لهم فى فهم هذه عقيدة مذهب يخالف ما استقر عليه الأمر عند الكاثوليك الرومان.
واختلافات النصارى الدينية تحمل طابعا عنيفا يصطبغ ـ غالبا ـ بلون الدم.
وقد انتهى أمر القبط إلى أن فقدوا حريتهم الدينية والمدنية فلم يرفعوا رءوسهم إلا منذ تمكن المسلمون من سحق قوى الرومان فى عشرات الميادين التى احتدم فيها القتال من آسيا إلى أفريقيا.
***
استرد الأقباط حرياتهم المفقودة، فاسترجعوا الكنائس التى سلبت منهم وأحيوا فيها ما مات من شعائرهم، وأسهموا فى حكم البلاد بعدد كبير من الموظفين، وانتهى إلى الأبد عهد الفتن الذى كان يحرق بطارقتهم ثم يرمى بهم فى أعماق اليم.
ذلك أن المسلمين لا يفقهون منطق الإكراه فى العقيدة.
ولسنا نزعم أنهم لا يعرضون دينهم على الناس، كلا.
إنهم يذكرون به، ويشرحون أصوله، ويبسطون دعوته.
فمن آمن رحبوا به، ومن أعرض عنهم فهو على عقد الذمة.
يعيش بين المسلمين كواحد منهم، له ما لهم، وعليهم ما عليهم.
ولا يوجد فى الدنيا امرؤ ينقد هذه المعاملة المقسطة.
إلا أن الأقباط فوجئوا بأمر لم يكن فى حسبانهم.
هو أن جمهورا غفيرا منهم ينفضُّ من حول الكنيسة ويدخل فى الإسلام.
وأن هذا الجمهور يتضاعف عدده على مر الأيام.
وقد حزن البطارقة والقساوسة لهذا الحدث الجلل.
إنهم رحبوا بدخول العرب محررين، ولم يدر بخلدهم أن تتحول رعيتهم ـ بين عشية وضحاها ـ إلى مسلمين!.
ولكن ماذا يصنع العرب؟ أكانوا يصدون ـ بالقوة ـ من يدخل فى دين الله بمحض مشيئته؟.
يبدو أن ذلك ما كانت ترقبه الكنيسة القبطية!!.
فلما تتابعت السنون والمسلمون يرحبون بمن ينضم إليهم، والكنيسة ترى نفسها كجزيرة انحصرت وراء فيضان طام من أتباع الدين الجديد، دبت إليها مشاعر الكراهية للإسلام، وشرعت تظهر حينا وتضمر حينا تبرمها به حكومة وشعبا..
ونحن نفهم تشبث الكنيسة بالحياة، وسخطها من تحول الشعب عنها، وقد نعذرها إذا احتد غضبها.
بيد أنها ـ على تغير الأحوال ـ ينبغى أن تدرك حقيقة وضعها، وأن تعترف بالتطور الواقع ـ فليس منه بد ـ .
وإذا فكرت فى وضع عقبات دون تففت أبنائها عنها ـ ومن حقها ذلك ـ فليكن تفكيرها فى حدود معقولة كريمة..
أعنى أنه لا يجوز أن تجرح المسلمين فى الداخل ولا أن تتآمر على سلطانهم مع الخارج.
فإن العهد الذى يحوطها بسياج من الرعاية والحماية يفرض عليها ذلك.
فإذا حدث أن بذلت جهدا مدنيا أو عسكريا لإسقاط الإسلام كدولة حاكمة، فإن هذا يبت عهود الذمة المبرمة بينها وبينه...
ولا شك أن رجال الكنيسة أحسوا هذه المعانى، وقد التزم الرجال الرسميون منهم بالمحافظة عليها.
غير أن أمورا أخرى كانت تجرى من وراء ستار.
إذ اندفع الطائشون والناقمون يشنون على الإسلام حربا من البغضاء والتربص.
ويجمعون فلولهم الباقية ثم يجمعون على سياسة من الكيد والاحتيال لإلحاق الأذى بهذا الدين ووقف زحفه المتلاحق.
ولئن انكشف جزء من هذه السياسة الخبيثة فى مسلك الموظفين الأقباط ـ الذى أوضحناه ـ منذ الفتح، إن الجزء الأخطر يتعدى حدود العراك على المناصب الحكومية وإساءة استغلالها...
إلى سياسة الحكم الإسلامى فى الميدان الدولى الكبير.
وهنا الخطر كله!!.
ذلك أن صغار القسس والرهبان علقوا قلوب رعاياهم بالنصرانية المتأهبة هناك خلف الحدود!.
إن انتشار الإسلام بهذه السرعة الخاطفة جعلهم يجفلون منه على مصيرهم.
فتناسوا آلامهم الماضية، وأسسوا آمالا جديدة فى بقاء النصرانية الرومانية تقاوم الإسلام وتقاتل المسلمين.
وسرت هذه العواطف الجديدة فى صفوف الأقباط، فأضحوا يتابعون أنباء الصراع بين المسلمين والرومان خارج الحدود باهتمام بالغ.
فإن انتصر الرومان استبشروا، وإن انهزموا وجموا.
وكان المسلمون ـ مع هذه الحال المنكرة ـ لا يظلمون الأقباط ذرة من حقوقهم العامة.
ومع ذلك فإن الأقباط ناقمون!!.
(يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير) .

الشيخ محمد الغزالي

 يقية مقال الغزالي عن اضطهاد الأقباط

الرجوع الي مقالات الشيخ محمد الغزالي - الرد على النصارى

  أرسلت في الثلاثاء 23 نوفمبر 2010 اعتمد بواسطة محمود أباشيخ  


 

روابط ذات صلة
 · زيادة حول - محمد الغزالي
· الأخبار بواسطة محمود أباشيخ


أكثر مقال قراءة عن - محمد الغزالي:
خرافة ظهورات مريم العذراء

  .  

تقييم المقال
 
المعدل: 0
تصويتات: 0

الرجاء تقييم هذا المقال:

ممتاز
جيد جدا
جيد
عادي
رديئ

  .  

خيارات
 
 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

  .  

"اضطهاد الأقباط" | دخول/تسجيل عضو | 0 تعليقات
اكتب اسمك أسفل تعليقك.

التعليق غير مسموح للضيوف, الرجاء التسجيل

عبد الباسط عبد الصمد

الرد على القمص إبراهيم لوقا

تنزيه القرآن الكريم

العقيدة المسيحية

الأسفار القانونية الثانية والأبوكريفا

الله واحد أم ثلاثة


برهانكم للرد علي شبهات النصارى مكرس للرد علي ترهات النصاري وتطاولهم علي الإسلام .. حقوق النشر متاحة للجمع ونرجوا ذكر صفحة المقال واسم الكاتب ..