نسل إسماعيل الأعظم
بقلم الشيخ فرج الله عيد
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسل الله. أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله. أما بعد
فقد وعد الله إبراهيم نبيه الكريم ببركات عظيمة له و لنسله من بعده، فإذا حفظوا عهوده و تمسكوا بها كان حقا لهم أن يتمتعوا بهذه البركات، و إذا فرطوا و انحرفوا عن الوصايا فلا يحق لهم أن يطالبوا بالمزايا المترتبة على هذا العهد، فالعهد ارتباط بين طرفين، فإذا فرط أحدهما كان الآخر في حل مما ألزم نفسه به للآخر من حقوق.
و بالرغم من تصريح الكتاب المقدس الواضح أن هذا العهد يشمل جميع أبناء إبراهيم بما فيهم نسل إسماعيل كما في سفر التكوين 21: 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ. فالكتاب المقدس إذن واضح كل الوضوح في وعد إبراهيم بكل بركات نسله لإسماعيل و نسله، إلا أن المسيحيين و اليهود من قبلهم لا يزالون يعيشون وهم أنهم وحدهم أصحاب الحق في التمتع بمزايا هذا العهد، سواء التزموا بواجبات العهد أو انحرفوا عنها.
و الكتاب المقدس واضح في البشارة لأبناء إسماعيل أنهم سيحفظون العهد، و يعملون بثمار الدين، و ينالون بركات وعود الله لإبراهيم، إلا أن كثيرين من المفسرين المسيحيين يقفزون على النصوص و يقهرونها و يجبرونها على قول ما ليس فيها.
و هذه مناقشة علمية و نصية هادئة لكتابين يرفضان وجود بشارات بالكتاب المقدس عن نبي بعد المسيح، هما: هل تنبّأ الكتاب المقدّس عن نبيّ آخر يأتي بعد المسيح؟ تأليف القس عبد المسيح بسيط أبو الخير، و كتاب: تحريف التوراة والإنجيل بين الحقيقة و الافتراء تأليف ثروت سعيد رزق الله. و نحن نناقش بالعقل و المنطق نصوص الكتاب المقدس، و تفسير الكاتبين لها، و التفسير الإسلامي المبني على فهم النص كما هو، كما نرجع إلى التفاسير المسيحية و الموسوعات الكتابية، في بحث جاد عن الإجابة الصحيحة على السؤال.
فلا يمكن أن تكون الإجابة على السؤال الذي طرحه القس: لا، لم يتنبأ الكتاب المقدس عن نبي آخر بعد المسيح، لا على الإطلاق، و كل من يقول أن الكتاب المقدس تنبأ عن مثل هذا فهو واهم أو كذاب. ثم تكون الإجابة الأخرى على نفس السؤال: نعم، بكل تأكيد، نحن على يقين كامل أن الكتاب المقدس مليء بالنبوءات و البشارات و الأوصاف التي تقطع بنبوة هذا النبي العظيم.
لا يمكن أن تكون هاتان الإجابتان المتناقضتان على سؤال واحد، حول موضوع واحد، في كتاب واحد، إلا إذا كانت إحدى الإجابتين صادرة عن هوى لا يلتزم بمنطق و لا يحتكم إلى عقل منضبط.
و قد لاحظ المؤرخون أن بعض الصالحين من أهل الكتاب و غير أهل الكتاب كانوا ينتظرون بعثة نبي قبيل بعثته صلى الله عليه و سلم.
دائرة المعارف الإسلامية مقال”فترة” للمستشرق شارل بيلات ج25ص7779: و قد تطلق “الفترة” على الفاصل الزمني بين عيسى و محمد عليهما السلام، و لم يلاحظ من أطلقوا اللفظ بهذا المعنى ما كان من مرور ستة قرون بين الاثنين، و هي فترة حاولوا سدها بشخصيات رفض أصحابها عبادة الأوثان دون أن يعتنقوا اليهودية أو المسيحية، و لكنهم عاشوا عيشة النسك و صرحوا في بعض الأحيان بظهور نبي.
دائرة المعارف الإسلامية مقال”الله” للمستشرق كارديه ج4ص1033: هذا و قد كان من أهل مكة في الجاهلية من يؤمن بالله و اليوم الآخر و ينتظر أن يبعث الله رسولا للعباد.
دائرة المعارف الإسلامية مقال” سلمان الفارسي” للمستشرق ليفي دلافيدا ج18ص5761: استهوته النصرانية و هو بعد صبي، فترك بيت أبيه و تبع راهبا نصرانيا، ثم بلغ الشام بعد أن تتلمذ على شيوخ كثيرين. و هبط من الشام، و يمم لا يلوي على شيء إلى وادي القرى في أواسط الجزيرة العربية طلبا للرسول الذي شاء الله أن يحيي به دين إبراهيم، و كان آخر شيوخه قد أنبأه و هو على فراش الموت بقرب ظهوره.
قال ول ديورانت في قصة الحضارة ج13ص21: و لفظ محمد مشتق من الحمد و هو مبالغة فيه، كأنه حمد مرة بعد مرة، و يمكن أن تنطبق عليه بعض فقرات في التوراة تبشر به.اهـ
و سوف نناقش كل ما طرحه المؤلفان من أفكار بإذن الله، و نحن هنا نناقش فقط الإجابة على سؤال: هل يمكن أن يكون نبي من نسل إسماعيل؟ بحسب الإجابة اليهودية المسيحية: لا لا يمكن أن يكون نبي من غير نسل إسحاق صاحب الوعود و العهود و البركات وحده. و بحسب الإجابة الإسلامية: الله خالق الكل، لا يمنع فضله و هدايته عن الكل، و النبي الأعظم هو من نسل إسماعيل، بحسب نصوص و تفاسير الكتاب المقدس.
هل يمكن أن يكون نبي من نسل إسماعيل؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال، نجيب على سؤال تمهيدي:
هل يمكن أن يأتي نبي صادق بعد المسيح؟
في حوارنا مع بعض المسيحيين يزعمون أن إيمانهم بالمسيح يمنعهم من الإيمان بنبوة محمد، لأن المسيح أخبر أنه آخر الأنبياء، و قال إن من ادعى النبوة بعده فهو كذاب، يتمسك هؤلاء الجهلة بنص ورد عن المسيح يقول: لانه سيقوم مسحاء كذبة و انبياء كذبة و يعطون آيات عظيمة و عجائب حتى يضلوا لو امكن المختارين ايضا (مت 24: 24) (مر 13: 22)
يظنونه ينفي كل نبوة بعد المسيح، و فضلا عن كون النص لا يلزمنا كمسلمين حيث أننا لا نثق في الأناجيل أنها وحي، و لا نؤمن بصحة ما ورد فيها على لسان المسيح، فليس في النص- أيضا- ما يظنونه، من نفي النبوة بعد المسيح على الإطلاق، بل لقد ورد صريحا في العهد الجديد ما يفيد إقرار النبوة بعد المسيح.
فقد تحدث العهد الجديد عن أنبياء كذبة:
و لما اجتازا الجزيرة الى بافوس وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع (اع 13: 6)
و لكن كان ايضا في الشعب انبياء كذبة كما سيكون فيكم ايضا معلمون كذبة الذين يدسون بدع هلاك و اذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على انفسهم هلاكا سريعا (2بط 2: 1)
و نصحهم كيف يفرقون بين الكذبة و الصادقين:
1يو 4: 1 ايها الاحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الارواح هل هي من الله لان انبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم 2 بهذا تعرفون روح الله كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله 3 و كل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله و هذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه ياتي و الان هو في العالم.
كما تحدث العهد الجديد عن أنبياء صادقين:
ورد في كتاب: الانبياء و النبوة و التنبؤ للقس عبد المسيح بسيط أبو الخير:
الفصل السادس بعنوان: الانبياء و النبوة و التنبؤ في العهد الجديد:
ص139: 1- المعنى اللغوى والكتابى: 1- وردت كلمة “نبى”: فى العهد الجديد فى صيغتها اليونانية حوالى 144 مرة، 37 مرة فى الإنجيل للقديس متى، و29 مرة فى الإنجيل للقديس لوقا، و30 مرة فى سفر أعمال الرسل، و6 مرات فى الإنجيل للقديس مرقس، و14 مرة فى الإنجيل للقديس يوحنا، وتعنى فى اللغة اليونانية والعهد الجديد: أ – “ينادى”، “يشرح علانية”. ب- “الذى يتنبأ”. ج- “الذى يعرف الماضى”. د- و”يعرف ما فى القلوب”. أى أن النبى هو الذى ينادى بالدعوة والرسالة الإلهية الموحى بها من الله، والذى يشرح ويفسر معنى كلمة الله بالروح القدس، والذى يتنبأ بما يكون وما سيحدث فى المستقبل، كما يعرف الماضى ويعلم ما فى القلوب بالروح القدس الساكن فيه والذى يتكلم على لسانه.
ص142: 3- أما كلمة “نبوّة” أو “نبوءة”: فقد وردت فى العهد الجديد بشكل عام حوالى 19 مرة، وتعنى فى اللغة اليونانية والعهد الجديد بصفة علمة “دعوة النبى”، “المقدرة على إعلان إرادة الله”، “المناداة بكلمة الله”، “موهبة النبوة ذاتها”.
ص148: 4- الأنبياء الذين وجدوا وقت ميلاد المسيح “أنبياء وما قبل المسيحية: يذكر الإنجيل للقديس لوقا كل من زكريا الكاهن وزوجته أليصابات وسمعان الشيخ وحنة بنت فنوئيل كأربعة أنبياء أمتلأوا من الروح القدس وتنبأوا عن المسيح.
ص158: 7- أنبياء المسيحية: يذكر الكتاب الأنبياء، أنبياء المسيحية بعد حلول الروح القدس، ضمن قادة الكنيسة المسيحية الأولى مع الرسل والتلاميذ فيقول:
“وفى تلك الأيام أنحدر أنبياء من أورشليم إلى إنطاكية” (أع 27: 11).
“وكان فى إنطاكية فى الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون برنابا وسمعان الذى يُدعى نيجر ولوكيوس القيروانى ومناين الذى تربى مع هيرودس رئيس الربع وشاول” (أع 1: 13).
“فوضع الله أناساً فى الكنيسة فى الكنيسة أولاً رسلاً ثانياً أنبياء ثالثاً معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء أعواناً تدابير وأنواع ألسنة” (1كو 28: 12).
“وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين” (أف 11: 4).
“ويهوذا وسيلا إذ كانا هما أيضا نبيين وعظا الأخوة” (أع 32: 15).
“انحدر من اليهودية نبى أسمه أغابوس” (أع 10: 21).
“أما الأنبياء فليتكلم اثنان أو ثلاثة وليحكم الآخرون” (1كو 29: 14).
“أن كان واحد يحسب نفسه نبياً أو روحياً فليعلم ما أكتبهُ إليكم هو وصايا الرب” (1كو37: 14).
الفصل الثاني: الموعد بإسحق أم بإسماعيل ؟
يقول القس عبد المسيح بسيط ص17: كان الله قد رتب، بحسب مشورته الإلهيّة و علمه السابق، أنْ يحفظ لنفسه شعبًا مختارًا يؤمن به و لا يحيد عن عبادته لكي يأتي منه، بحسب ما سبق أن عينت و رتبت مشورته الإلهيّة، نسل تتبارك به جمع القبائل و الأمم و الشعوب في وقت سبق أن عينه أسماه ” ملء الزمان “(غلاطية4/4).اهـ
و هذا القول يوضح أن القس يعبد إلها سفيها ظالما هو هواه، فكيف ينسب إلى الله سبحانه و تعالى عما يقول أن يمنع هدايته عن كل خلقه و يختص بها شعبا صغيرا، هو من أسوأ شعوب الأرض و أبعدها عن الدين؟ يقول الأستاذ العلامة محمد فريد وجدي:
سفير الإسلام إلى سائر الأقوام محمد فريد وجدي ص22: هل يُعقل أن الله يرسل موسى إماما و رحمة إلى بضعة آلاف نفس من بني إسرائيل، و يترك مئات الملايين من الصينيين و اليابانيين و سائر الآسيويين و الأفريقيين و الأستراليين و غيرهم بلا علم و لا هدى و لا كتاب منير، يهيمون في الظلمات و يعمهون في الضلالات بلا مرشد و لا رسول كريم؟ هل يُتصور أن الله و هو الخالق العادل المنزه عن المحاباة و المصانعة يوحي حقائق الدين إلى بضعة آلاف من الناس، و يترك رِبوات الملايين في الظلام البهيم و الفساد العميم؟
كلا! بل قال تعالى:” و إن من أمة إلا خلا فيها نذير”(فاطر24) و قال تعالى:” منهم من قصصنا عليك و منهم من لم نقصص عليك”(غافر78)
من هنا يتضح أن الله أرسل لكل أمة رسولا و كتابا و جمعهم على دينه قرونا و أحقابا.
1- وعد الله لإبراهيم:
قال القس عبد المسيح بسيط ص 25: (4) و لم تتضمن وعوداته لإبراهيم إى إشارة عن نبوة أو نبي يأتي من أبناء إسماعيل.
و هذا من تدليس القس و خداعه لأتباعه، فنفس البركات المعطاة لإسحاق معطاة لإسماعيل عن طريق أبيهما إبراهيم، و لا يوجد وعد بالنبوة في أي منها لأي أحد، فنفيه لوجود وعد بالنبوة في نسل إسماعيل يريد به إيهام قرائه و الإيحاء إليهم بوجود وعد بالنبوة في نسل إسحاق، و نحن نتحداه أن يذكره.
في قاموس الكتاب المقدس: مباركة الناس (تك49 و تث33) و معناها نقل البركة إليهم و طلبها من الرب لهم. و من هذا القبيل بركة هارون و بنيه لبني إسرائيل (عد6: 23-27). و عماد البركة أن الرب يبارك الناس، أي يمطر عليهم من نعمه، و يزيد غلاتهم و يلطف بعائلاتهم (تك12: 2 و3). و قد بارك المسيح تلاميذه قبلما صعد (لو24: 50 و51).
و في دائرة المعارف الكتابية أن البركة تحمل عدة معان: فالقرينة تبين هل هي بركة زمنيه وقتية أو روحية أو كلاهما. و تحت عنوان عهد: كان طرفا هذا العهد الله و إبراهيم بعد أن أبدى إبراهيم استعداده لإطاعة أمر الله بتقديم ابنه إسحق محرقة، في طاعة كاملة (انظر عب 11: 17-19). و كانت النتيجة هي وعد الله أن يجعله أمة عظيمة ( تك12: 2) و أن يجعل نسله كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطيء البحر (تك22: 17) و أن يبارك مباركيه و أن يلعن لاعنيه (تك12: 3)، و أن يعطي نسل إبراهيم كل أرض كنعان (تك17: 8)، و أهم الكل هو أن “يتبارك في نسلك (الذي هو المسيح- غل3: 16) جميع أمم الأرض” ( تك22: 18)، و سيملك المسيح على جميع أعدائه (تك22: 17). و كان ضمان هذا العهد العظيم، هو قسم الله بذاته و باسمه العظيم (تك22: 1، عب6: 13-18)، و كذلك سفك دم الذبائح (تك15: 9 و10 و17).
تفسير تادرس يعقوب ملطي لسفر التكوين ص147: يتحدث القديس أغسطينوس عن هذه البركة التي نالها إبراهيم قائلا: لنلاحظ أن إبراهيم نال وعدين، الأول أن نسله يرث أرض كنعان، و قد أشير إلى ذلك بالقول:”أجعلك أمة عظيمة”، أما الوعد الآخر فأعظم جدا إذ هو ليس بالوعد الجسدي بل الروحي، خلاله يصير أبا لا للأمة الإسرائيلية وحدها بل لكل الأمم التي تقتفي أث إيمانه.
التفسير التطبيقي ص44: لماذا كرر الله عهده لأبرام؟ فقد ذكر الله هذا العهد مرتين من قبل (تك 12، 15)، و لكنه الآن يذكره به لأنه كان يوشك أن يتممه. و قد أعلن الله هنا لأبرام عدة جوانب محددة من عهده: (1) سيجعل الله أبرام أبا لأمة قوية. (2) سيخرج من نسله أمم و ملوك كثيرون. (3) سيظل الله يعلن ذاته لنسل إبراهيم. (4) سيعطي الله لنسل أبرام أرض كنعان.
التفسير التطبيقي ص415: لاحظ الفرق في بركة الله لكل سبط، فلسبط أعطيت أفضل الأرض، ولسبط آخر القوة، ولآخر الحكمة.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر الخروج ص7: نجد هنا بركة الرب في زيادة و نمو الشعب: فأثمروا= أصل الكلمة أنهم تزايدوا في نسلهم مثل السمك، و نموا= نموا مضاعفا و ربما كانوا يلدون توائم و بلا وفيات في الصغر.
فلا وجه إذن لأي ادعاء أنه لا وعد بالنبوة لنسل إسماعيل، لأنه لا وعد بالنبوة لأي نسل، أو اختصاص أي نسل بها.
و النصوص أمامنا و من حقنا قراءتها ما دمنا نستطيع القراءة، و سوف نقسمها 3 أقسام:
الأول- 12 بركة خاصة بإبراهيم:
التكوين 12: 1وَ قَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَ مِنْ عَشِيرَتِكَ وَ مِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. 2فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَ أُبَارِكَكَ وَ أُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَ تَكُونَ بَرَكَةً. 3وَ أُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَ لاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَ تَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ».
و أنا لا أحتاج أكثر من هذه البشارة للتدليل على صدق الإسلام و أمته المباركة، فأي أمة تبارك إبراهيم أكثر من المسلمين؟ يباركونه ليس فقط في كل يوم، بل في كل صلاة. و الواضح من النص أن الله سبحانه يأمر إبراهيم أن يهاجر و يترك أرض آبائه، و يعده بتعويضه عنها بأرض أخرى تكون له و ميراثا لأبنائه، و لا يوجد في كل الوعود أكثر من هذا، أما النبوة فقد جعلها الله نعمة لكل البشر لم يحجبها سبحانه عن أحد منهم، لأنه لا يحابي و لا يجامل و لا يظلم، قال تعالى: وَ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ (الأنعام91) فادعاء أن الله حجب هدايته عن شعب من خلقه يحمل معنى إساءة الظن بالله، و عدم معرفة قائله بقدر الله و حكمته و رحمته و عدله. وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ (36 النحل)
فإذا تكلمنا بمنطق الكتاب المقدس وجدناه يحكم بالبركة للرجل و لكل من في صلبه من بنيه، و اللعنة كذلك: العبرانيين 7: 9حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً: إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ. 10لأَنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادَقَ.
الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد ج5ص49: لأنه كان لا يزال فى صلب أبيه إبراهيم الذى يمثل الشعب العبرانى كله، إذ أنه من نسله أى من نسل إبراهيم قد خرجت أسباط الشعب كلها متضمنة سبط لاوى.
تفسير وليام باركلي لرسالة العبرانيين ص117: و لكن هذه الحجة تحتفظ بين طياتها بحق عظيم و جليل. و هذا الحق هو أن ما يفعله الإنسان يؤثر في نسله. إذا ارتكب إنسان خطية ما فقد ينقل إلى أبنائه و أحفاده ميلا إلى تلك الخطية أو إصابة بعاهة جسدية أو كليهما معا. و إذا عكف إنسان على بناء شخصية قوية و طاهرة فهو بلا شك سينقل إلى نسله ميراثا مباركا. و بناء على هذه الحجة التي قدمها كاتب الرسالة إلى العبرانيين فإن لاوي قد تأثر بما فعله إبراهيم. و هكذا بالرغم من غرابة هذه الحجة في نظرنا فإن هذا الحق سيظل باقيا و هو إنه ليس أحد منا يعيش لذاته، لكنه ينقل شيئا من ذاته لنسله الذي يأتي من بعده.
تفسير أنطونيوس فكري لرسالة العبرانيين ص52: لاوي كان في صلب إبراهيم حين أعطى إبراهيم العشور لملكي صادق، و كأن لاوي دفع العشور هو أيضا لملكي صادق، فيكون ملكي صادق أعظم من اللاويين و الكهنة.
مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب الأنبا إيسوذوروس ص322: قلنا: تقدم أن من اصطلاحات اليهود أنهم إذا ذكروا شخصا أرادوا به قبيلته، كإسرائيل و يعقوب و أفرايم، و يراد بكل منهم إسرائيل أو معظمهم، و يهوذا و يراد به سبطا يهوذا و بنيامين، و هارون و يراد به سبط لاوي الكهنة.
التكوين 12: 7وَ ظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَ قَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ.
التكوين 13: 14وَ قَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ، بَعْدَ اعْتِزَالِ لُوطٍ عَنْهُ: «ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَ انْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالاً وَ جَنُوبًا وَ شَرْقًا وَ غَرْبًا، 15لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَ لِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ. 16وَ أَجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، حَتَّى إِذَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّ تُرَابَ الأَرْضِ فَنَسْلُكَ أَيْضًا يُعَدُّ. 17قُمِ امْشِ فِي الأَرْضِ طُولَهَا وَ عَرْضَهَا، لأَنِّي لَكَ أُعْطِيهَا».
التكوين 14: 18وَ مَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَ خَمْرًا. وَ كَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ. 19وَ بَارَكَهُ وَ قَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ، 20وَ مُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ».
التكوين 15: 1بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا قَائِلاً: «لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدًّا».
التكوين 15: 3وَ قَالَ أَبْرَامُ أَيْضًا: «إِنَّكَ لَمْ تُعْطِنِي نَسْلاً، وَ هُوَذَا ابْنُ بَيْتِي وَارِثٌ لِي». 4فَإِذَا كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ قَائِلاً: «لاَ يَرِثُكَ هذَا، بَلِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ هُوَ يَرِثُكَ». 5ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَ عُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَ قَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». 6فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا. 7وَ قَالَ لَهُ: «أَنَا الرَّبُّ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هذِهِ الأَرْضَ لِتَرِثَهَا».
التكوين 15: 18فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلاً: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.
هذا هو العهد و الميثاق، و لا علاقة و لا ذكر لنبوة، بل ميراث الأرض، و قد أنجز الله عهده، فلما نكث اليهود عهدهم، لم يكن لهم حق أن يستمر امتلاكهم الأرض أو يطالبوا باستمرار سريان العهد، لأن العهد اتفاق مبرم بين طرفين.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر التكوين ص152: من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات: تم هذا فعلا أيام سليمان الذي امتدت مملكته من حدود مصر إلى الأراضي الواقعة عند الفرات، و لكن حينما حنث في وعده و تزوج أجنبيات و بخر لأوثانهن شق الله مملكته.
التكوين 17: 1وَ لَمَّا كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَ قَالَ لَهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَ كُنْ كَامِلاً، 2فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، وَ أُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا».
تفسير الأرشيدياكون نجيب جرجس لسفر التكوين ص230: (سِرْ أَمَامِي وَ كُنْ كَامِلاً، فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ) كان على أبرام و ذريته أن يسيروا مع الله كاملين، كشرط لإتمام عهد الله معهم.
التفسير التطبيقي ص44: قال الله لأبرام:”أنا هو الله القدير. سر أمامي و كن كاملا”، أي أطع و عش كما ينبغي.
مذكرات على سفر التكوين تشارلز ماكنتوش ص114: “سر أمامي” هنا سر القوة بمعناها الصحيح، و متى سرتُ أمام الله فلا يكون أمام قلبي غرض آخر سوى الله نفسه. أما إذا كان انتظاري في البشر أو في الأشياء الموجودة في العالم فلا.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر التكوين 17: 1: سر أمامي: السير مع الله كانت الفضيلة التي نسبت لأخنوخ ثم لنوح.
3فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَ تَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلاً: 4«أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَ تَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، 5فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ. 6وَ أُثْمِرُكَ كَثِيرًا جِدًّا، وَ أَجْعَلُكَ أُمَمًا، وَ مُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ. 7وَ أُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَ بَيْنَكَ، وَ بَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَ لِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ. 8وَ أُعْطِي لَكَ وَ لِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ، كُلَّ أَرْضِ كَنْعَانَ مُلْكًا أَبَدِيًّا. وَ أَكُونُ إِلهَهُمْ». 9وَ قَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَ أَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَ نَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ، وَ بَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ، وَ الْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَ الْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَ أَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».
التكوين 21: 9وَ رَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ، 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هذِهِ الْجَارِيَةَ وَ ابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَ مِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا، لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَ ابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».
التكوين 22: 1وَ حَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَ اذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَ أَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ».
التكوين 22: 12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَ لاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي».
التكوين 22: 15وَ نَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ 16وَ قَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ، أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَ لَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَ أُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَ كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، وَ يَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، 18وَ يَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».
الثاني- بركتان خاصتان بإسحاق:
التكوين 17: 15وَ قَالَ اللهُ لإِئبْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لاَ تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ، بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ. 16وَ أُبَارِكُهَا وَ أُعْطِيكَ أَيْضًا مِنْهَا ابْنًا. أُبَارِكُهَا فَتَكُونُ أُمَمًا، وَ مُلُوكُ شُعُوبٍ مِنْهَا يَكُونُونَ». 17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَ ضَحِكَ، وَ قَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَ هَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَ هِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟». 18وَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ِللهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!». 19فَقَالَ اللهُ: «بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَ تَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَ أُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ.
التكوين 17: 21وَ لكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الآتِيَةِ».
العهد القديم العبري ترجمة بين السطور: وَ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ
فقد أضافت الترجمة إلى النص تحريفا لفظ”لكن” لكي يقصروا النبوة على نسل إسحاق طبقا لعقيدتهم الباطلة، يعني لا نبوة في نسل إسماعيل و لا غير إسماعيل، النبوة في نسل إسحاق فقط.
و مع قبولنا للنص بعد تحريفه، فلا دلالة فيه على ما يريدون، فهذا العدد مقتطع من الإصحاح 17 الذي ذكر فيه عهد الختان، و ذكرت فيه كلمة عهدي 10 مرات كلها بمعنى الختان أو امتلاك الأرض، و لا يوجد أي معنى آخر، و جعلت له المطابع عنوانا” عهد الختان”، و من المعلوم أن العهد اتفاق بين طرفين إذا أخل أحدهما بالعهد فقد بطل العهد و حق للطرف الآخر فسخه و اعتباره كأن لم يكن، لذلك فإنني أنصح القس ألا يذكر هذا العهد لأنهم نقضوه، و لا يحق لهم الكلام عنه. فالعهد للأمة المختونة، أمة الختان، و قد استبدلوا الختان بالمعمودية، و لا عهد لأمة المعمودية في بركات إبراهيم. و ليقرأ إن شاء:
التكوين 17: 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَ الْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَ أَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».
العربية المشتركة ص18: العهد و الختان.
ترجمة الدومينكان ص29: قيام إبراهيم بوصية الختان.
اليسوعية ص91: العهد و الختان.
ترجمة فاندايك ص11: عهد الختان.
تفسير تادرس يعقوب ملطي لسفر التكوين ص176: الإصحاح السابع عشر عهد الختان.
تفسير وليام باركلي لرسالة رومية ص146: و يبرز إيريناوس أربع مناسبات عظيمة لدخول الله في عهد مع الناس. العهد الأول كان مع نوح بعد الطوفان، و علامته قوس قزح، و العهد الثاني كان مع إبراهيم و علامته الختان، و العهد الثالث دخلت فيه الأمة عند جبل سيناء على أساس حفظ الناموس. أما العهد الرابع فهو العهد الجديد بالمسيح.
فمن أين جاء القس أو غيره أن العهد معناه النبوة؟ و من أين جاءوا أنها مقتصرة على نسل إسحاق؟ كما أن هذا العهد سوف ينزع من بني إسرائيل و يعطى لغيرهم، بعد أن نقضوه كما سنرى.
93 من البشارات بخاتم الرسالات من الإنجيل و التورات و كتب النبوات د وديع أحمد فتحي ص12: الختان هو علامة شعب الله و إسماعيل هو أول مختون.
الثالث- 3 بركات خاصة بإسماعيل:
التكوين 16: 7فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ، عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. 8وَ قَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟ وَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَ اخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا». 10وَ قَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ». 11وَ قَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى، فَتَلِدِينَ ابْنًا وَ تَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَ إِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا، يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ، وَ أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».
التكوين 17: 18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ِللهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!». 19فَقَالَ اللهُ: «بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَ تَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَ أُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَ أَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَ أُثْمِرُهُ وَ أُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اِثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ، وَ أَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر التكوين ص162: و لاحظ التشابه بين اليهود نسل يعقوب و العرب نسل إسماعيل، اليهود اثنا عشر سبطا و إسماعيل اثني عشر رئيسا يلد(هذا تحقق في تك25: 12- 16). اليهود لهم علامة الختان، و العرب نسل إسماعيل لهم علامة الختان(تعلمه كلاهما من إبراهيم).
تفسير تادرس يعقوب ملطي لسفر التكوين ص183: فالأمر يحتاج إلى من يصرخ إلى الله كإبراهيم أب الآباء:”ليت هؤلاء يعيشون أمامك! ليتهم يتمتعون بالميلاد الجديد بنعمتك، فيصيرون “إسحق” الجديد!
تفسير الأرشيدياكون نجيب جرجس لسفر التكوين ص234: و قوله”يعيش أمامك” أي في طاعتك و تحت رعايتك.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر التكوين ص161: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ»: هذا القول يحتمل عدة معان: 1- أنا يا رب مكتف بإسماعيل الذي أعطيتني و لا أطلب المزيد، فلتحفظه ليحيا في طاعتك. 2- إذا كنت ستعطيني ابنا آخر فهذا لا تحرمه من بركاتك.
التكوين 21: 15وَ لَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ، 16وَ مَضَتْ وَ جَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيدًا نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ، لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَ رَفَعَتْ صَوْتَهَا وَ بَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ، وَ نَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَ قَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَ شُدِّي يَدَكِ بِهِ، لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَ فَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَ مَلأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَ سَقَتِ الْغُلاَمَ. 20وَ كَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ، وَ سَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَ كَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَ سَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ، وَ أَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
93 من البشارات بخاتم الرسالات من الإنجيل و التورات و كتب النبوات د وديع أحمد فتحي ص15: و النتيجة”و كان الله مع الغلام” هذه لم يذكرها كتابهم و لا عن أعظم الأنبياء. لم يذكرها عن إسحاق و لا عن يعقوب. و لم يذكرها عن يحيى بن زكريا عليهما السلام النبي ابن النبي. و لا عن المسيح نفسه.
فالوعود كلها لإسماعيل، حتى بعدما أشبع اليهود كتابهم تحريفا لإخفاء هذه الوعود:
1- الوعد بالبركة لإسماعيل: 17: 20 هَا أَنَا أُبَارِكُهُ.
2- و بالنسل الكثير لإسماعيل: 16: 10 تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ، 17: 20 وَ أُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا.
3- و بالثمرة المباركة لإسماعيل: 17: 20 أُبَارِكُهُ وَ أُثْمِرُهُ.
4- و بالأمة العظيمة لإسماعيل: 21: 18 لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً، 17: 20 وَ أَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.
5- و بسكنى الأرض الموعودة لإسماعيل: 16: 12 أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ.
6- و كل بركات نسل إبراهيم لإسماعيل: 21: 13 وَ ابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ.
بركات لإسماعيل لم ينلها إسحاق:
7- و الوعد بالعيش في طاعة الله و رعايته لإسماعيل: 17: 18 لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ، 17: 20 سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ.
8- الله معه 21: 20 وَ كَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ.
و أنا أتحدى القس أن يأتينا بكلمة واحدة في بركات إسحاق لم تكن في بركات إسماعيل، كما أتحداه أن يذكر بين بركات إسحاق هاتين البركتين العظيمتين: يَعِيشُ أَمَامَكَ، وَ كَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ.
نبوة إسماعيل في القرآن:
يقول القس عبد المسيح بسيط ص18: و جاء في القرآن أيضًا ” وَ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ جَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتَابَ وَ آتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَ إِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ” (العنكبوت27).
لم أكن أتخيل قبل أن أطلع على هذا الهراء أنه يوجد إنسان يبلغ به الغباء أن يحاول الاستدلال بالقرآن لنفي نبوة محمد صلى الله عليه و سلم، القس يحاول إيهام قرائه أن القرآن يوافق الكتاب المقدس على حصر النبوة في نسل إبراهيم و إسحاق و يعقوب، و يستدل بآية وحيدة و كأن القرآن ليس فيه سوى هذه الآية، و لكن القس يثبت لنا عدم نزاهته العلمية و عدم أمانته و اتصافه بالصفات التي زعم اتصاف المسلمين بها. و قد ذكرنا المبدأ القرآني العظيم أن الله لم يمنع نبوته عن شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، و لكننا نجاري القس و نقول:
إن إثبات نبوة إبراهيم و إسحاق و غيرهما لا يستلزم أبدا عند أي عاقل نفي نبوة إسماعيل ما لم يرد هذا النفي في نص آخر، فكيف إذا نص القرآن على نبوته و رسالته و أن الله أوحى إليه كما أوحى لغيره من الأنبياء؟
قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَ مَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْبَاطِ وَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136 البقرة)
قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَ مَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْبَاطِ وَ مَا أُوتِيَ مُوسَى وَ عِيسَى وَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84 آل عمران)
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَ النَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْبَاطِ وَ عِيسَى وَ أَيُّوبَ وَ يُونُسَ وَ هَارُونَ وَ سُلَيْمَانَ وَ آَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163 النساء)
وَ اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَ كَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54 مريم)
قال القس عبد المسيح بسيط ص18: و قد ظهر الله لإبراهم في رؤيا، قبل أنْ يُولد إسماعيل و إسحق، و قطع معه عهدًا على أساس أنَّ هذا الوعد مرتبط بالأرض، أرض كنعان، التي سيذهب إليها إبراهيم و نسله المقصود، و التي ستكون المقر و المصدر الذي سيخرج منه من سيأتي بالبركة.
و هذا اعتراف غريب من القس أن الوعد مرتبط بالأرض، فكيف يحاول هو كل هذه المحاولات المستميتة لربطه بالنبوة؟
يقول التفسير التطبيقي ص 852 على أخبار الأيام الأول 1: 1 : و كان اليهود يهتمون اهتماما بالغا بهذه السجلات، إذ كان كل فرد فيهم يريد أن يكون قادرا على إثبات أنه من نسل إبراهيم، أبي الشعب اليهودي، فبذلك فقط يستطيع أن يكون له نصيب في البركات التي وعد الله بها إبراهيم و نسله.اهـ
و أنا أتعجب بينما أقرأ البركات العظيمة التي وعدها الله أبراهيم بخصوص إسماعيل كيف يقرأونها، و كيف لا يشعرون بعظمتها، و لنأخذ نصا واحدا و نتأمله.
الذبيح من هو؟
يقول القس عبد المسيح بسيط ص21: و عندما امتحن الله إبراهيم و طلب منه أن يُصْعِد اِبنه إسحق محرقة على جبل المريا و أطاع إبراهيم الله و مدّ يده و أخذ السكين ليذبح اِبنه إسحق ظهر له ملاك الربّ و قال له لا تمد يدك على الغلام و قدّم له كبشًا فدية عن اسحق ” نَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ، وَ قَالَ: بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَ لَمْ تُمْسِكِ اِبْنَكَ وَحِيدَكَ، أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَ أُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ اَلسَّمَاءِ وَ كَالرَّمْلِ اَلَّذِي عَلَى شَاطِئِ اَلْبَحْرِ وَ يَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ، وَ يَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ اَلأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي”(تكوين22/15-18). و هنا يتكّلم الله عن إسحق باعتباره ابن إبراهيم الوحيد بالرغم من أنَّه أصغر من إسماعيل لأنَّه ابن الموعد يقول الكتاب ” بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَ هُوَ مُجَرَّبٌ ـ قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ الَّذِي قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ.” (عبرانيين11/17، 18).
تحريف التوراة و الإنجيل بين الحقيقة و الافتراء ثروت سعيد ص267: إن الإنجيل يؤيد صراحة قصة إسحاق، و إنه هو الذبيح، و قد أشار إليها السيد المسيح و رسله الأطهار في الإنجيل. أي أن التوراة و الإنجيل متفقان تماما بأن الذبيح هو إسحاق.
نقول إنه لم ترد في الأناجيل كلمة واحدة من المسيح تفيد أن الذبيح إسحاق أو غيره، أما بقية الكتبة فإنهم لم يتحققوا من الأمر، و إنما نقلوا مما سبقهم من الكتب بثقة و دون تمحيص، و من واجبنا ما دمنا في معرض التحقيق العلمي أن نمحص الأخبار بحيادية لنعلم الصادق من الكاذب.
و نحن نؤكد أن الذبيح يستحيل أن يكون إسحاق لأنه لم يكن يوما ابنا وحيدا. و لكن التفاسير المسيحية ترى معنى مختلفا لكلمة”وحيدك”:
تفسير الأرشيدياكون نجيب جرجس لسفر التكوين ص261: و قد دعي “وحيده” لأنه ابن الموعد من جهة، و لأنه قد صرف إسماعيل من جهة أخرى.
يقول القس عبد المسيح بسيط أبو الخير ص21: و هنا يتكّلم الله عن إسحق باعتباره ابن إبراهيم الوحيد بالرغم من أنَّه أصغر من إسماعيل لأنَّه ابن الموعد يقول الكتاب ” بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَ هُوَ مُجَرَّبٌ ـ قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ الَّذِي قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ.” (عبرانيين11/17، 18).
يقول الدكتور عبد الوهاب النجار: دائرة المعارف الإسلامية ج3ص707: أقول إن التوراة و القرآن متضافران على أن الذبيح إنما هو إسماعيل لا إسحاق. فنص عبارة التوراة:”خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق”. و الناظر في هذا الكلام يجده متناقضا لا يستقيم إلا بحذف كلمة إسحاق التي حشرت في الكلام حشرا، فإن الولد الذي أمر إبراهيم بذبحه وصف بأنه وحيده، و ما كان إسحاق وحيدا لإبراهيم في يوم من أيام حياته، بل الذي أتى عليه وقت كان فيه وحيدا لإبراهيم هو إسماعيل وحده. و لا شك عندي في أن اليهود حشروا لفظ “إسحاق” دون أن ينتبهوا إلى أن يحذفوا كلمة “وحيدك”. و قد جاء لفظ “وحيدك” بدون لفظ “إسحاق” في ف16من ص22 تكوين، و نص عبارته “إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر و لم تمسك ابنك وحيدك”. و غرض اليهود من ذلك أن يثبتوا أن أباهم إسحاق هو الذي جاد بحياته ليكون قربانا لله، و لم يمانع و هو في سن الحداثة و ميعة الصبا، و أنه هو الذي يتبارك به جميع أمم الأرض، مع أن الحقيقة أن الذبيح و العهد كان بإسماعيل، و قد صرح بهذا في إنجيل برنابا.
دائرة المعارف الإسلامية ج3ص756: القول الراجح عن أئمة الإسلام و علمائه أن الذبيح هو إسماعيل، لأنه هو أول ولد بشر به إبراهيم و هو أكبر من إسحاق، و قد أمر إبراهيم بذبح “وحيده” و في بعض روايات أهل الكتاب “بكره” و هذا لا يصدق إلا على إسماعيل، لأن إسحاق ولد بعد إسماعيل بأكثر من عشر سنين.
و يرد على قولنا هذا إشكالان: الأول وجود اسم إسحاق صريحا، فهل يمكن أن يدرج في نص الكتاب شيء مثل ذلك؟
و للإجابة على هذا الاعتراض نرجع إلى أي كتاب يتحدث عن كيفية دخول كلمات غير مقدسة إلى الكتاب المقدس، تكتب الكلمة كحاشية في الهامش، ثم تدخل إلى المتن بين قوسين، ثم تزال الأقواس فتصير الكلمات الدخيلة جزءا من النص.
وحي الكتاب المقدس يوسف رياض ص66: السبب السادس من أسباب اختلاف نسخ الكتاب المقدس 6- إضافة الحواشي المكتوبة كتعليق على جانب الصفحة كأنها من ضمن المتن: و هو على ما يبدو سبب في إضافة بعض الأجزاء التي لم ترد في أقدم النسخ و أدقها، مثل عبارة “السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح” في رومية8: 1، و أيضا عبارة “الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة” الواردة في1يوحنا5: 7.
و لعل هذا أحد أسباب وجود اختلافات كثيرة بين نسخ الكتاب المقدس.
العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكندرية ص52: و أهم ما لفت نظر أوريجانوس في العمودين الأول (النص العبري) و الخامس (السبعينية) هو وجود كلمات و جمل بل و فقرات كاملة في السبعينية لا وجود لها في النص العبري، أو العكس. لذلك وضع عليها علامة مميزة في بداية الجملة أو القطعة و نهايتها، مماثلة للعلامات التي نضعها الآن في وسط النصوص لنشرحها في الهوامش.
النسخة اليسوعية دار المشرق بيروت ص12، 13: إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة، بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، و لكن عددها كثير جدا على كل حال، هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف و النحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام، و لكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها.
فلا يوجد إذن أي مانع أن تكون كلمة إسحاق قد أدخلت إلى النص كتفسير خاطئ ثم صارت جزءا من النص المقدس.
الاعتراض الثاني أننا نفترض وجود لخبطة في القصة، فاليقين عندنا أن قصة الذبح حدثت قبل ميلاد إسحاق، بينما وردت في الكتاب المقدس بعد ولادته، فهل يمكن تعرض الكتاب المقدس لمثل هذا الخلط في القصص؟
و للإجابة على هذا الاعتراض يقول التفسير التطبيقي ص869 على أخبار الأيام الأول9: 1 : يمكن زمنيا، وضع هذا الفصل في نهاية سفر أخبار الأيام الثاني، لأنه يسجل أسماء المسبيين الذين رجعوا من السبي البابلي، ولكن كاتب سفر الأخبار، وضع هذا الفصل هنا ليبين اهتمامه بالشعب في عصره وحاجتهم، كأمة، للرجوع إلى طاعة الله التي جعلتهم أمة ذات شأن أول الأمر.اهـ و يقول في ص999 على عزرا 4: 6- 23 : ومن الوجهة الزمنية، يقع (4: 6) بين الفصلين السادس والسابع، أما (4: 7-23) فيشير إلى الأحداث التي وقعت بين (عز 7 ؛ نح 1). وقد جمعها عزرا هنا لكي يبين المقاومة العنيدة لشعب الله على مدى السنين، وقدرة الله على التغلب عليها.اهـ و يقول في ص 1431 على إشعياء 38: 1 : وقعت أحداث الفصلين 38، 39 قبل أحداث الفصلين (36، 37).اهـ و يقول في ص 1514 على إرميا 22: 1 : قد لا تكون الفصول (22-25) مرتبة زمنيا بطريقة صحيحة. ففي (21: 8-10)، ألمح الله إلى أنه لم يعد هناك وقت للتوبة، وفي (22: 4) قال الله إنه مازال هناك وقت للتغيير، فالأحداث التي يشير إليها هذا الفصل حدثت قبل أحداث الفصل الحادي والعشرين.اهـ
و بهذا يتبين لنا أن كل كتبة العهد القديم تقريبا لا يلتزمون بالترتيب الزمني للأحداث، و يسمحون لأنفسهم بتغيير تسلسل القصص بحسب رؤياهم الشخصية و ألوانهم باعتبارهم زجاجا ملونا. أما العهد الجديد فالأمر فيه أوضح من محاولة إثباته، فأحداث حياة المسيح مرتبة في كل إنجيل بطريقة مختلفة عن بقية الأناجيل.
– المدخل إلى العهد الجديد د فهيم عزيز دار الثقافة ص215: في حالة اختلاف متى و لوقا في ترتيب قصة المسيح فإن مرقس يتفق مع واحد منهما و يختلف مع الآخر، أي أنه يتفق مع متى و يختلف مع لوقا، أو يتفق مع لوقا و يختلف مع متى، و لكن لا يمكن أن يتفق لوقا و متى و يختلفان مع مرقس.
– تفسير الدكتور وليم باركلي ج1 ص17: هذا فضلا عن أن متى و لوقا يتبعان عادة ترتيب مجرى الأحداث الذي يستخدمه مرقس. و في بعض الأحيان يختلف واحد منهما في هذا الترتيب، لكنهما لا يختلفان كلاهما معا، في ترتيب أية حادثة، فدائما نجد واحدا منهما على الأقل يتبع نظام مرقس.
التفسير الحديث لإنجيل متى ص25: نجد في إنجيل مرقس ما يقرب من45% من مادة إنجيل متى، في صيغة مماثلة (و أحيانا متطابقة تماما)، بل تكاد تكون بنفس الترتيب، و ثمة20% أو أكثر أخرى تشترك بنفس الطريقة مع إنجيل لوقا، هذا فضلا عن توافق تقريبي في ترتيب الكثير من الأجزاء المشتركة و إن اختلف مكانها في الهيكل العام لكل إنجيل.
هذا في حالة الأناجيل الثلاثة الأولى ويسمونها المتشابهة أو الإزائية، حيث تعتبر متشابهة بنسبة كبيرة قد تصل إلى 40% أما يوحنا فله شأن آخر.
الإنجيل كيف كتب و كيف وصل إلينا القس عبد المسيح بسيط ص116: تسمى الأناجيل الثلاثة الأولى أو أوجه الإنجيل التي للقديس متى و القديس مرقس و القديس لوقا، بالأناجيل المتفقة أو المتماثلة أو المتشابهة أو المؤتلفة، و ذلك لاتفاقها بدرجة كبيرة في التدوين و التسجيل و الصياغة و المفردات اللغوية و ترتيب الأحداث الرئيسية لحياة السيد المسيح و تعليمه و أعماله. ……….. و هذا ما حدث عند تدوين و كتابة الإنجيل للقديس يوحنا و الذي اتفق مع الإنجيليين الثلاثة في أقل من 10% تمثل الخطوط العامة لحياة و كرازة السيد المسيح، و تميز عنهم بتدوين أكثر من 90% مما دونه و سجله و كتبه في الإنجيل الرابع، و لم يكتب في الأناجيل الثلاثة الأولى.
ص130: كما حدث عند تدوين الإنجيل الرابع و الذي اتفق مع الثلاثة المتفقين في حوالي 8% فقط و تميز عنهم في 92%.
– المدخل إلى الكتاب المقدس حبيب سعيد دار التأليف و النشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة بالاشتراك مع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى ص 226: على أنه يجب التسليم في غير مواربة أن هناك بعض الفارق أو التناقض أو الاختلاف في قليل من الروايات. و قد لوحظ هذه الحالات منذ القرن الثاني و اتخذها الهراطقة مادة للنقد و التجريح. ….. و لم يدّع أحد العصمة اللفظية الحرفية لروايات الإنجيل، فقد كان الكتاب خاضعين للعوامل العقلية و النفسية التي يخضع لها الكتاب عادة في كل جيل.
فكيف يثق إنسان في صحة و صدق نقل كلمة في كتاب هذه صفته؟ و كيف يبني على هذه الكلمة عقيدة؟ خاصة و قد تناقضت هذه الكلمة مع تسلسل الأحداث و صدق الرواية؟
هل وجد أنبياء من غير نسل إبراهيم؟
يقول القس عبد المسيح بسيط ص21، 22: 4- تأكيد الوعد لإسحاق: ……. 5- تأكيد الوعد ليعقوب: ……. 6- بركة إبراهيم للأمم في المسيح: ……….
و نحن لا نختلف مع الكاتب في حرف واحد من هذه العناوين، فنحن لا ننكر وعد الله لإسحاق أو ليعقوب، و إن كنا نقول إن الله سبحانه ليس في حاجة لتأكيد وعده، فوعد الله صادق و مؤكد و لو لم يكرره بل ذكره مرة واحدة، كما لا ننكر بركات المسيح عليه الصلاة و السلام النبي العظيم، و لكن الذي ننكره أن هذه البركات تنفي مباركة غيرهم، و كأن الله محدود البركات، لا يعترف بغير شعب واحد مختار، و كأن إله الكتاب المقدس إله عنصري قبلي.
يقول القس عبد المسيح بسيط ص22: تنبّأ بلعام بن بعور عن هذا النسل الموعود والفادي المنتظر قائلاً بالروح القدس ” أَرَاهُ وَ لكِنْ ليْسَ الآنَ. أُبْصِرُهُ وَ لكِنْ ليْسَ قَرِيباً. يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ وَ يَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيل فَيُحَطِّمُ طَرَفَيْ مُوآبَ وَ يُهْلِكُ كُل بَنِي الوَغَى.” (عدد24/17).
و هذا يهدم فكرة الكاتب من أساسها، فبلعام هذا الذي يتكلم بالروح القدس ليس من نسل إبراهيم، و لو كان نبيا لنسف فكرة اقتصار النبوة على نسل إبراهيم، فضلا عن حصرها في نسل إسحاق، لذلك يحتار المفسرون المسيحيون في حل هذه المعضلة- بحسب تعبير دائرة المعارف الكتابية- يقول قاموس الكتاب المقدس: و كان نبياً مشهوراً في جيله. والظاهر أنه كان موحّداً يعبد الله, وليس ذلك بعجيب لأنه من وطن ابراهيم الخليل حيث يظن أن أصول تلك العبادة كانت لم تزل معروفة عند أهل تلك البلاد, ما بين النهرين في أيام هذا الرجل.
أما التطبيقي ص 321 على العدد 22: 4- 6 فيقول: كان بلعام ساحرا، يُستدعى للعنة آخرين. وكان الاعتقاد باللعنات و البركات أمرا شائعا في عصور العهد القديم، فكان من المعتقد أن للسحرة نفوذا عند الآلهة. لذلك أراده ملك موآب أن يستخذم نفوذه عند إله بني إسرائيل ليلعنهم، مؤملا أنه عن طريق السحر، يتحول يهوه ضد شعبه، فلم يكن لدى بلعام أو لدى بالاق أي فكرة عمن يتعاملون معه!
الموسوعة الكنسية لتفسير لتفسير العهد القديم ج3ص205: بلعام بن بعور: هو نفسه بلعام بن بصور(2بط2: 15) و قد اختلفت الآراء على شخصه، فمنهم من اعتبره عرافا يتبع الشيطان لقول يشوع بن نون “بلعام بن بعور العراف”(يش13: 22)، أما أكثر المفسرين فاعتبروه نبيا للرب استخدمه الله في تبليغ بعض الرسائل لشعوب المنطقة، و يؤكد ذلك الأحداث التالية في هذا الإصحاح. و لكنه و إن كان نبيا إلا أن الكتاب المقدس يصفه بعد ذلك بالخيانة و التحالف مع أعداء الشعب من أجل المال بالرغم من أنه بارك الشعب بفمه كما أمره الله أولا(ص23).
التفسير الحديث لسفر العدد ص121: و الأمر الغريب أن هذا الرائي المخدر التفكير المحب للمال الوثني الغريب أن يوحي إليه روح الله برؤيا عن مصير إسرائيل المستقبلي، رؤيا مسيانية بكل معنى الكلمة و في أقصى أبعادها. يأتي هذا في قصة تخلب لب القارئ و تحيره بهيئتها الروائية الساخرة و بمتناقضاتها. فيتسائل: هل كان بلعام خاطئا أم قديسا؟ و لماذا تغير الأمر الإلهي المانع لبلعام من الذهاب فسمح له؟ و ماذا كانت حقيقة النبوة في رؤياه؟ و ما هو الهدف من احتواء سفر العدد على هذه القصص؟
ص123: ماذا يمكن أن يقال عن شخصية بلعام؟ أو بأكثر تحديد، ما هي رؤية كاتب عدد22- 25 لبلعام؟ لدى القراءة السطحية يظهر أن السفر يصوره في هيئة مضيئة إيجابية، فبالرغم من دوافعه الملحة ليلعن إسرائيل طلبا للمال، فقد صمم على الإصغاء لله و بارك بركات شاملة إلى درجة أثارت غيظ مستأجره (22: 18، 24: 10- 12). فبنى “كوتس” على هذا المفهوم للنص دليلا على أن قصة بلعام تبين بلعام كقديس قصد منذ البدء ألا يفعل شيئا سوى أن يطيع كلمة يهوه.
ص123: على أن نصوصا أخرى في الكتاب المقدس ترسم بلعام في ضوء آخر، و تبرز كونه مقاوما لإسرائيل، و كان يمكن أن يلعنه ما لم يتدخل الله، تبينه كرجل فضّل المال على خدمة الله (31: 8- 16، تث23: 4- 5، 2بط2: 15، يه11، رؤ2: 14), و بمقارنة ما جاء في هذه النصوص و عد22- 24 رأى البعض فيهما اختلافا بينا لدرجة أنهم ظنوا أن تلك النصوص تأتي بتقليد في الطرف النقيض عن بلعام، أو أن الرأي المبكر عن بلعام قد أبدل أخيرا بهذا الرأي المخالف.
ص123: بالرغم من أن القائلين بهذه النظريات، التي تعلم بتقاليد متعارضة أو وثائق أخرى يبدو أنهم قصدوا إيجاد حل للمشكلة، فهم في الحقيقة لم يحلوها و إنما غيروا شكلها، فصيّروا منها مشكلة أخرى، و أبرزوا فرقا غير موجود بين سفر العدد و النصوص الأخري. تُجمع كل الآراء على أن كاتب التثنية لا بد له من معرفة بما في عد22- 24. فإذا كانت صورة بلعام في عد22- 24 إيجابية بدون التباس، فكيف لم يفهم كاتب سفر التثنية ذلك؟ و ذات السؤال يوجه من جهة محرر العدد المزعوم، و هل لم يلاحظ الفرق الذي يدعونه بين ص22- 24(JE) و 31: 8- 16 الفصل الذي ينسبونه إلى(PS)؟ و كيف لم يستطع مفسرو سفر العدد الأولين أن يتحققوا من سلامة إيمان بلعام بيهوه و حبته للغير إذا كانت هذه واضحة و صريحة في هذه القصص الواردة هنا؟
أما نحن فنرى- مع أغلبية المفسرين- أنه نبي، و لكنه من غير بني إسرائيل، لذلك طغى الفكر العنصري اليهودي فادعى بعض اليهود أنه ساحر و دجال و مشعوذ، كما وضعوا القصص التي تسيء إليه في بعض تقاليدهم، كما يذكر التفسير الحديث، و أدخلوها في كتابهم الذي يقدسونه.
قال الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه إبراهيم أبو الأنبياء تحت عنوان أنبياء من غير بني إسرائيل:
موسوعة عباس محمود العقاد الإسلامية ج1ص486: و قد أشارت التوراة إلى ثلاثة أنبياء من العرب غير ملكي صادق الذي لقيه الخليل عند بيت المقدس، و هؤلاء الأنبياء الثلاثة هم يثرون و بلعام و أيوب، و منهم من يقال أنه ظهر قبل اثنين و أربعين قرنا، و هو أيوب.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر العدد ص82: شخصية بلعام بن بعور: ليس من شعب الله، بل من فتور التي في أرام النهرين(تث23: 4) و هو في(عد23: 7) قال من أرام أتى بي بالاق، و في(22: 5) يقال فتور التي على النهر. فهو من أرام بين النهرين، و أرام نسبة لأرام بن سام الذي سكنها أولا(تك10: 22، 23) ثم امتدت حتى سوريا و لبنان.
ص82: يبدو أنه كان مشهورا بأعماله الخارقة للطبيعة. و وصلت أخباره لموآب فاستدعوه. يرى البعض أن بلعام كان نبيا حقيقيا، و قد دخل في معاملات مع الله، و كان يستشيره قبل أي تصرف، و دليلهم في هذه الآيات”فأتى الله إلى بلعام”ع9، فقال الله لبلعام12، بالإضافة إلى أن نبوات بلعام كانت في غاية الروعة. و هؤلاء يضيفون أنه ليس غريبا أن يتعامل الله مع الأمم، فقد حدث هذا مع نبوخذنصر و أرسل يونان لنينوى.
ص82: فالله لا يقصر نفسه على شعب معين أو شخص معين.
يقول القس عبد المسيح بسيط ص23: وقال القديس بولس بالروح ” وَ الْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ ألأُمَمِ… لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ… وَ أَمَّا الْمَوَاعِيدُ فَقِيلَتْ فِي إِبْرَاهِيمَ وَ فِي نَسْلِهِ… لاَ يَقُولُ وَ فِي الأَنْسَالِ كَأَنَّهُ عَنْ كَثِيرِينَ، بَلْ كَأَنَّهُ عَنْ وَاحِدٍ. وَ فِي نَسْلِكَ الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ “(غلاطية3/8، 17).
و لا حاجة لنا في الرد على هذا الكلام الفارغ، فقد رد عليه الكتاب المقدس نفسه. التكوين 12: 7وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. التكوين 21: 13وَ ابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ». فوعد الله إبراهيم أن يعطي نسله هذه الأرض كيف طبقه بولس على المسيح و هو لم يرث أرضا، بل تحقق الوعد لسليمان كما يقول المفسرون؟ و كيف أنكر أن إسماعيل نسله مع نص الكتاب الصريح أنه نسله؟!!
هل يجوز اقتصار النبوة على جنس معين فقط؟
7- القول بأن البركة من إسماعيل (1):
يقول القس عبد المسيح بسيط ص24: (6) و استشهدوا بما جاء في تثنية (21/15-17) ” إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَ الأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَ المَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ، فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ.
8- دراسة هذه الأقوال و التعليق عليها:
و لا أحب أن أضيع وقتكم في سرد أقواله التافهة في الرد على هذا الاعتراض، لقد أخذ يلف و يدور و يذهب يمينا و شمالا في حركات بهلوانية، و لم يرد بكلمة واحدة على الاعتراض نفسه، و الاعتراض ببساطة شديدة يقول: كيف يأمرنا الله سبحانه بالعدل مع أبنائنا و إعطائهم حقوقهم، حتى لو كنا نبغضهم و نبغض أمهاتهم، بينما تعتقدون أنتم أنه هو نفسه غير عادل، و لا يعطي الحقوق إلا لأبناء المحبوبة إسرائيل؟ فإذا كان الله قد حرم هذا الظلم علينا و قال: لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ. فهل يبيح لنفسه أن يكون هو ظالما سبحانه و تعالى عما تقول أيها القس.
و مما قال ص27: (7) أما مسألة الحقوق الشرعية و ما جاء في تثنية (21/15-17) عن ابن المكروهة فقد جاء في شريعة موسي الذي جاءت بعد إبراهيم بحوالي خمسمائة سنة و التي سنّ فيها الله عشرات الشرائع الجديدة و التي لم تكن موجودة في زمن إبراهيم.
و نقول له: دعك من هذه التمويهات، ليس الحديث عن تشريع دنيوي أرضي، و إنما الحديث عن ظلم تنسبونه إلى الله سبحانه و تعالى، فإذا كان لا يجوز للوالد أن يفرق بين أولاده و لا للحاكم أن يفرق بين شعبه و لا للمدير أن يفرق بين مرؤسيه، فكيف تدعون أن الله الحكم العدل يفرق بين خلقه، فيمنح بعضهم الهداية و النبوة بينما يحجبها عن الآخرين ثم يدخلهم بحيرة النار و الكبريت. اتق الله أيها الإنسان و لا تكذب على الله.
و مما قال القس عبد المسيح بسيط ص 28: كما أن هذا التشريع و هذا الناموس يختص بالمواريث و لكن لا يختص بوعد الله من جهة البركة و النبوة. و من ثمّ فمحاولتهم الربط بين الحقوق التشريعيّة و مواعيد الله و عهوده فهي محاولة غير منطقية و مغالطة واضحة و صريحة لأنَّ مواعيد الله وعهوده للبشريّة هي خارج نطاق المواريث البشريّة، و من ثمّ فلا تورث و لا تورّث.
يريد أن يقول إن الله يأمر بالعدل في توزيع المواريث الدنيوية، بينما لا يهم العدل في المسائل الدينية!! يعني لو راجل أعطى أولاده عطايا مالية متساوية، و علم أحدهم الدين و رباه على طاعة الله، بينما ترك الآخرين للكفر و الضلال فلا يحق لأحد أن يلومه. و أظن أننا لا يصح أن نستكمل مناقشة الكتاب الذي وصل التدني الفكري و الاعتقادي فيه إلى هذا المستوى المزري.
عجائب و سفاهات تلزم عقول من ينكرون نبوة ابن إسماعيل:
و من العجيب أنهم يصفون إلههم بالعدل و الحكمة و الاهتمام بالأمور العليا و التنزه عن الأمور الدون السفاسف.
فإذا تحولوا إلى الكلام عن إسماعيل تحدثوا عن إله آخر ظالم، يعد بالبركة الدنيوية و يهتم بالأمور الحقيرة و يهمل الأمور العليا!!
و نتساءل: هل كان إلهكم عادلا فصار ظالما؟ أم كان ظالما فصار عادلا؟ هل كانت البركة عنده مادية فصارت روحية؟ أم كانت روحية فصارت مادية؟ أم أنه إله ملخبط يكيل في كل حال بميزان مختلف؟!!!
و الكتبة المساكين لكي يبرروا كفرهم بمحمد و اعتبارهم إياه مدعيا للنبوة بالكذب يقعون في أخطاء منطقية و اعتقادية تزري بهم و تضعهم في مصاف السفهاء عديمي العقول.
و نسأل كاتب هذا السخف: إذا جاءك رجل يشكو لك هذا الفعل من أبيه، ألا تلوم هذا الأب الظالم الذي أعطى كل ماله لولد واحد من بنيه، ثم صرف الباقين كأنهم لقطاء أبناء شوارع؟ ثم تزعمون أن الله- سبحانه و تعالى عن قولكم- وافق على هذا الظلم و باركه و أعطى حق البكورية لغير البكر، فلماذا شرع البكورية أصلا إن كان يريد إلغاءها و الالتفاف حولها و التحايل عليها؟! كما نؤكد أن هذا النص لا ينطبق على إسماعيل لأنه لم يذهب شرقا بل جنوبا كما سيتضح.
لماذا لا تسير بالمنطق إلى غايته أيها الإنسان العاقل؟ تسأل سؤالا: كيف يستقيم ذلك؟ إنه حقا كلام لا يستقيم!! كيف يأمر الله إبراهيم بذبح إسحاق، بينما وعده قبل ذلك بحياته و بنسل كثير يأتي منه؟ و الجواب المنطقي: الأمر كان بذبح إسماعيل، تعقل و افهم!!
لكي يثبت الكاتب أن الأمر بالذبح لا يمكن أن يكون عن إسماعيل، يزعم أن إسحاق لا يمكن تعويضه بينما يمكن تعويض إسماعيل!! و لقد تعجبت كيف كتب هذا الكلام من ينتسب إلى دين؟ و كيف تركه رجال دين كبار دون أن يحذفوه و يشدوا أذن كاتبه؟ إذا كان المقصود أن إبراهيم لا يمكنه تعويض ولده إذا فقده، فإبراهيم لا يمكنه تعويض إسحاق و لا إسماعيل و لا أي أحد، و إن كان قصده أن الله لا يمكنه تعويضه، فلا يستحق أن نناقشه أو نرد عليه.
نقول إن القرآن لم يذكر صراحة من هو الذبيح، لأن القرآن ليس كتاب قصص و حكاوي، و لا يصح أن يحكم على القرآن بمنطق الكتاب المقدس، كما أن القرآن يصرح بأن كل الأمم آتاها الله أنبياء و رسلا و منذرين، و لم يقصر فضله على شعب أو أمة، و حتى لو صرح القرآن بأن الذبيح فلان، فسوف تكذبه و تناقضه، كما فعلت في كثير من عقائد القرآن الصريحة. أما الأحاديث الصحيحة التي يدعيها تأمر المسلمين بالرجوع إلى ما يوافق أهل الكتاب فلا نعرفها و لا نعرف من صححها.
من النيل إلى الفرات:
التكوين 15: 18فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلاً: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.
تتفق التفاسير المسيحية أن هذه النبوءة قد تحققت فعلا.
- الكنز الأنفس في ملخص الكتاب و التاريخ المقدس ج1ص153: الفصل الخامس: تقسيم أرض الموعد و موت يشوع: ص154: (أولا) تمت جميع المواعيد التي وعد بها الله إبراهيم عن نسله، و وصف كاتب السفر ذلك بقوله:”يشوع21: 43فَأَعْطَى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمَ أَنْ يُعْطِيَهَا لآبَائِهِمْ فَامْتَلَكُوهَا وَسَكَنُوا بِهَا. 44فَأَرَاحَهُمُ الرَّبُّ حَوَالَيْهِمْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَقْسَمَ لآبَائِهِمْ، وَلَمْ يَقِفْ قُدَّامَهُمْ رَجُلٌ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِمْ، بَلْ دَفَعَ الرَّبُّ جَمِيعَ أَعْدَائِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ. 45لَمْ تَسْقُطْ كَلِمَةٌ مِنْ جَمِيعِ الْكَلاَمِ الصَّالِحِ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَلِ الْكُلُّ صَارَ”. فانظر كيف يصدق الله في كل مواعيده.
تفسير القمص أنطونيوس فكري لسفر التكوين ص152: من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات: تم هذا فعلا أيام سليمان الذي امتدت مملكته من حدود مصر إلى الأراضي الواقعة عند الفرات، و لكن حينما حنث في وعده و تزوج أجنبيات و بخر لأوثانهن شق الله مملكته. و عن نهر مصر يقال أنه كان هناك فرع للنيل يمر قرب السويس و حتى شرق العريش، و كان يقصد بسهل العريش وادي النيل. و نرى في هذه الآية صورة للإيمان القوي في نهاية الأيام في هذه المنطقة إيمان شعب المسيح في مصر و في آشور، بل و في وسط إسرائيل نفسها، حينما يؤمن الشعب اليهودي بالمسيح مخلصا(إش19: 23- 25)
تفسير الأرشيدياكون نجيب جرجس لسفر التكوين ص225:
و يلجأ بعض كبار رجال الدين إلى اعتبار هذه البشارة رمزية، و ذلك للهروب من فكرة عدم تحققها، كما في الدر الثمين تفسير التكوين أفرام السرياني ص117:
و لكن الكتاب المقدس يحدثنا أنه يريد أرضا حقيقية، في التكوين 12: 6 و اجتاز ابرام في الارض الى مكان شكيم الى بلوطة مورة و كان الكنعانيون حينئذ في الارض 7 و ظهر الرب لابرام و قال لنسلك اعطي هذه الارض فبنى هناك مذبحا للرب الذي ظهر له.
دائرة المعارف الكتابية: سليمان: امتداد مملكة سليمان: ورث سليمان عن داود أبيه مملكة تمتد من نهر الفرات شمالاً إلى وادى العريش فى الجنوب الغربي، وكان البحر المتوسط يحدها من الغرب، والصحراء العربية فى الشرق. كما كانت تمتد جنوباً إلى الطرف الشمالي من خليج العقبة. وقد خرجت بعض هذه المناطق من تحت الحكم المباشر لسليمان.اهـ
خريطة مملكة سليمان، و هي أقصى اتساع لمملكة بني إسرائيل
منشورة تحت عنوان مملكة سليمان بدائرة المعارف الكتابية
و لم يحدث بعد هذا الزمن أن زاد اتساع ملك دولة إسرائيل، بل لقد حدث العكس، فتناقصت الدولة و تقلصت، بل انقرضت كما يقول حبيب جرجس في المبادئ المسيحية الأرثوذكسية للمدارس الثانوية ج4 ص47: و في آخر ملك هذا الملك صعد شلمناصر ملك آشور إلى السامرة و أسلم الرب بيده إسرائيل بسبب خطاياهم فسباهم إلى أشور. و هكذا انقرضت مملكة العشرة أسباط و لم يبق لها ذكر. و يقول في ص49: (أولا) إن عاقبة البعد عن الله الخزي و المذلة، فقد توالت المصائب على مملكة إسرائيل. و لكنهم لما لم يرتدعوا أباد مملكتهم.
(ثانيا) انتهت مملكة إسرائيل و سقطت و تلاشت. و لا شك أنها تستحق ذلك، فإنهم طالما سخروا بأنبياء الله الذين أنذروهم و حذروهم، و عبدوا الأصنام و تركوا الإله الحقيقي الحي.(راجع إش28: 1- 13) حيث ترى صورة منطبقة عليهم.
و يقول الدكتور القس حنا جرجس الخضري في تاريخ الفكر المسيحي ج1ص42: و هنا تبدأ المأساة المحزنة المؤلمة، و التي ستستمر حقبة طويلة من الزمن، يقوم خلالها إسرائيل بحرب ضد يهوذا، و يهوذا بحرب ضد إسرائيل، و يريد كل منهما أن يفني و يلاشي الآخر.
و يقول في ص43: هكذا عاش هذا الشعب المتمرد في المملكتين الجنوبية(يهوذا) و الشمالية(إسرائيل) يعرج بين الفرقتين(1مل18: 21) و لم يسمع لقول الأنبياء، الذين كانوا يعلنون محبة الله العظيمة له، بل سد أذنيه و أغمض عينيه و أغلق قلبه، و لأنه كان شعبا صلب الرقبة عنيدا و قاسي القلب، أسلمه الله إلى أيدي أعدائه. فبعد أن ذاق مرارة الانشقاق الذي دام أكثر من مائتي عام(935- 721ق م) نراه الآن يدخل في محنة جديدة أو بالمعنى الأصح يزج به في معصرة تعصر لحمه و عظمه بلا شفقة و لا رحمة
إذن فلا خلاف أن نسل إسحاق لم يرث الأرض التي وعده الله إبراهيم أن يرثها نسله، فمن يا ترى نسل إبراهيم الذي يرث هذه الأرض؟ يحدثنا سفر التكوين فيقول:
التكوين 21: 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ.
فهل ورث المسلمون فعلا هذه الأرض من نهر مصر إلى الفرات؟ يحدثنا التاريخ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر جنوده الفاتحين أن يتوقفوا في فتوحهم عند الفرات و عند النيل كي لا يحول بينه و بينهم نهر، حتى إذا اطمأن إلى نجاح الفتوح سمح لهم بالاستمرار. قال الطبري في تاريخه ج2ص330: ذكر سبب تحوّل من تحوّل من المسلمين من المدائن إلى الكوفة وسبب اختطاطهم الكوفة، و ابن الأثير في الكامل في التاريخ ج1ص437 في فصل: ذكر بناء الكوفة والبصرة: فكتب إليه عمر: أن ابعث سلمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً برياً بحرياً ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر.اهـ فبنوا الكوفة و البصرة غربي الفرات، و الفسطاط شرقي النيل، فتحققت بهم نبوءة ميراث نسل إبراهيم للأرض من نهر مصر إلى الفرات.
و نقول الآن بملء أفواهنا و بكل قلوبنا: الحمد لله على نعمة الإسلام و كفى بها نعمة.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182 الصافات)
مهندس/ فرج الله
المراجع حسب ترتيب الرجوع إليها:
1- دائرة المعارف الإسلامية تأليف مجموعة من المستشرقين طبع مركز الشارقة للإبداع الفكري
– مقال “الله” للمستشرق ماكدونالد
– مقال”فترة” للمستشرق شارل بيلات
– مقال”الله” للمستشرق كارديه
– مقال” سمان الفارسي” للمستشرق ليفي دلافيدا
– تعليق الدكتور عبد الوهاب النجار على مقال إسحاق
– تعليق لجنة الترجمة على مقال إسماعيل
2- قصة الحضارة ول ديورانت ترجمة محمد بدران و د عبد الحميد يونس مكتبة الأسرة الهيئة المصرية العامة للكتاب
3- الانبياء و النبوة و التنبؤ للقس عبد المسيح بسيط أبو الخير ، و هو الكتاب رقم2 من سلسلة دراسات في لاهوت الكتاب المقدس مطبعة المصريين
4- هل تنبّأ الكتاب المقدّس عن نبيّ آخر يأتي بعد المسيح؟ القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
5- سفير الإسلام إلى سائر الأقوام محمد فريد وجدي مطبعة الأزهر
6- قاموس الكتاب المقدس تأليف نخبة من اللاهوتيين برئاسة تحرير الدكتور القس بطرس عبد الملك
7- دائرة المعارف الكتابية تأليف مجموعة من اللاهوتيين مسئول التحرير وليم وهبة بباوي نشر دار الثقافة
8- تفسير تادرس يعقوب ملطي لسفر التكوين و المزامير مطبعة الأنبا رويس
9- التفسير التطبيقي نخبة من الأساتذة نشر شركة ماستر ميديا
10- تفسير أنطونيوس فكري لسفر زكريا و التكوين و الخروج و العدد و رسالة العبرانيين كنيسة العذراء بالفجالة
11- الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم الناشر كنيسة مار مرقس القبطية الأرثوذكسية بمصر الجديدة.
12- الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد الناشر كنيسة مار مرقس القبطية الأرثوذكسية بمصر الجديدة.
13- تفسير الدكتور وليام باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسجو لإنجيل متى و إنجيل لوقا و رسالة رومية و رسالة العبرانيين نشر دار الثقافة
14- مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب الأنبا إيسوذوروس
15- تفسير نجيب جرجس لسفر التكوين و الملوك الأول مطبعة مدارس الأحد
16- مذكرات على سفر التكوين تشارلز ماكنتوش مكتبة الأخوة
17- العهد القديم العبري ترجمة بين السطور الجامعة الأنطونية المكتبة البولسية بيروت
18- ترجمات الكتاب المقدس العربية: فاندايك- العربية المشتركة- ترجمة الدومينكان- اليسوعية- نسخة كتاب الحياة
19- 93 من البشارات بخاتم النبوات د وديع أحمد فتحي دار البشائر
20- تحريف التوراة و الإنجيل بين الحقيقة و الافتراء ثروت سعيد رزق الله مراجعة و تقديم القمص صليب إلياس الديك- دار و مكتبة الحرية بشبرا
21- وحي الكتاب المقدس يوسف رياض مكتبة الأخوة
22- العهد القديم كما عرفته كنيسة الإسكنرية دار مجلة مرقس
23- المدخل إلى العهد الجديد د فهيم عزيز دار الثقافة
34- التفسير الحديث لسفر الخروج وإنجيل متى و سفر العدد و للمزامير ج1 دار الثقافة
25- الإنجيل كيف كتب و كيف وصل إلينا القس عبد المسيح بسيط أبو الخير مطبعة المصريين
26- المدخل إلى الكتاب المقدس حبيب سعيد دار التأليف و النشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة بالاشتراك مع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى
27- إبراهيم أبو الأنبياء الأستاذ عباس محمود العقاد
28- مطلع النور، موسوعة العقاد الإسلامية
29- الكنز الأنفس في ملخص الكتاب و التاريخ المقدس ج1 حبيب جرجس مكتبة الهلال
30- الدر الثمين تفسير التكوين أفرام السرياني جامعة الروح القدس
31- المبادئ المسيحية الأرثوذكسية للمدارس الثانوية ج4 حبيب جرجس المطبعة التجارية الحديثة
32- تاريخ الفكر المسيحي الدكتور القس حنا جرجس الخضري دار الثقافة
33- تاريخ الطبري
34- الكامل في التاريخ لابن الأثير
فهرس
– هل يمكن أن يكون نبي من نسل إسماعيل؟
– هل يمكن أن يأتي نبي صادق بعد المسيح؟
– الفصل الثاني: الموعد بإسحق أم بإسماعيل ؟
– نبوة إسماعيل في القرآن
– الذبيح من هو؟
– هل وجد أنبياء من غير نسل إبراهيم؟
– هل يجوز اقتصار النبوة على جنس معين فقط؟
– عجائب و سفاهات تلزم عقول من ينكرون نبوة ابن إسماعيل
– من النيل إلى الفرات