لماذا يكفرون علماء النقد النصي

بقلم المهندس فرج الله عبيد

بعض الكُتّاب عندما يشعر أنه يدخل معركة محسومة قبل أن تبدأ، و أنه يناطح عملاقا كبيرا شامخا، لن ينال منه إلا كما ينال فأر صغير أخذ يقرض قاعدة الهرم الأكبر، يظن نفسه قادرا على هدم الهرم، فماذا عساه ينال منه؟
فهو لا يعدم الخطة الحازمة، فليقتل العملاق أولا، ثم يصارع جثته، و لا شك أنه مهما كان ضعيفا خائر العزم فلن تعجزه جثة ميتة. و هذه طريقة الخبثاء الضعفاء، إذا حاروا في مناظرة عالم تركوا موضوع المناظرة جانبا تماما، ثم تكلموا في شخصه ، أما موضوع المناظرة فلا يخطر ببالهم، أما الحق و الحقيقة فلا وزن لهما، هكذا فعلوا حتى مع الأنبياء.
هكذا يفعل بعض من يتكلمون في وثوقية الكتاب المقدس، معركة محسومة قبل أن تبدأ، أدلة الخصم قوية و متينة و متعددة، تكفي لصرع المجادل من الجولة الأولى، فما الحل؟
يلجأ من يدافع عن الكتاب المقدس إلى تشويه صورة المناظر لصد قلوب القراء أو المستمعين عنه، فهو كافر بالله، منكر للمعجزات، يؤله الطبيعة، لا يؤمن إلا بما تراه عيناه، ليس للغيب عنده أدنى وزن.
و عندما يطمئن أن القارئ لن يجعل لهذا الناقد للكتاب المقدس وزنا، و لن يسمع لكلمة واحدة من كلامه، يشرع يفند أفكاره و آراءه بحجج هزيلة و أفكار سخيفة، لا تقنع- عند وزنها علميا و عقليا- طفلا صغيرا.
يقول القس عبد المسيح بسيط أبو الخير في كتابه الكتاب المقدس يتحدى نقاده و القائلين بتحريفه ص6: و فيما يلي أهم المذاهب و الحركات و الفلسفات التي أدت إلى نقد الكتاب المقدس:
1- سبينوزا و مذهب الحلولية أو وحدة الوجود: يقول مذهب الحلولية أو وحدة الوجود أن الله و الكون واحد، أو أن الله يحل في الكون، و من الذين قالوا بهذا الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا، الذي اعتبر الله و الطبيعة اسمين لحقيقة واحدة، …….. الله و الطبيعة واحد.
2- مذهب الربوبية: الذي نادى بدين طبيعي يعتمد على العقل و ينكر الوحي و يرفض تدخل الله في نواميس الكون.
3- الحركة الإنسانية: ترفض المعجزات و كل ما هو فوق الطبيعة.
4- الفلسفة التجريبية: تعتقد أن كل معرفة مستمدة من التجربة و الخبرة المحسوسة.
5- الفلسفة الوضعية: تهتم بالظواهر و الوقائع اليقينية الإيجابية فقط، و ترفض كل تفكير تجريدي في الأسباب المطلقة، و تعتبر العلوم الطبيعية المصدر الوحيد للمعرفة الحقيقية.
6- عصر التنوير أو عصر العقل. …… إلخ
ويقول ص30:
و نتيجة لذلك، فعلى ناقد الكتاب المقدس أن ينطلق في نقده على الافتراضات المسبقة التالية:
بما أنه لا وجود لله أو أنه لا يتدخل في سير التاريخ و لا أحداثه، فلا يوجد ما يسمى بكلام الله أو وحي الله أو نبوات و لا وجود لمعجزات …. لأنها تتناقض مع قوانين الطبيعة.
و هكذا وضع القس المقدمات التي سيبني عليها رده، فنقاد الكتاب المقدس- في نظره- لم ينقدوه لأنه يستحق النقد، أو لأنه يحتوي على مواد لا تصمد أما البحث العلمي و الموضوعي، بل انتقدوه فقط لأنهم لا يؤمنون به، بل لا يؤمنون بوحي إلهي أصلا، و لا يعترفون بنبوة و لا أنبياء.
و لكننا نفاجأ بعد ذلك أن القس يذكر نقد البعض من كبار المؤمنين بالكتاب المقدس و بأنه وحي إلهي في أصله الأول، و لكنه أصابه دخل و حذف و تغيير و تشويه، متعمد أحيانا و عفوي أحيانا أخرى.
و لكن كثيرين من القراء لا يلتفتون إلى الفخ و الخدعة التي أوقعهم فيها القس، ربما بدافع الثقة أو الغفلة، أو الميل و الهوى.
و ربما كان في تصريح هولي بايبل أنهم لا يكفّرون نقاد الكتاب [1] بعض الرد على القس عبد المسيح، فهم لا يستحقون التكفير حقا- في دين هولي بايبل- لأنهم مؤمنون بنفس إيمانه، يقدسون نفس كتابه، و لكنهم يختلفون عنه في أنهم يستخدمون عقولهم و قلوبهم في فلترة ما يستحق أن يؤمن به، فلا يقبلون ما تنأى عنه العقول البسيطة، و لا يؤمنون بما تأباه القلوب السليمة، حتى و إن كانوا- بحكم نشأتهم و تربيتهم- على نفس دينه الباطل.

المهندس فرج الله عبيد

[1] الدكتور هولي بايبل في رده على مقال القمص يوحنا سلامة : البروتستانت حرفوا الكتاب المقدس للأستاذ محمود أباشيخ مقال د. هولي على الرابط http://holy-bible-1.com/articles/display_html/10984

Posted by on سبتمبر 17 2011. Filed under الديانة النصرانية. You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0. You can leave a response or trackback to this entry

Leave a Reply

300x250 ad code [Inner pages]

Featured Links

  • أشرف الخلق
  • الرد على إبراهيم لوقا
  • الرد على شبهات النصارى حول الإسلام
  • الرد علي شبهات النصارى حول القرآن
  • ردود الشيخ يوسف القرضاوي
  • ردود محمود أباشيخ على الشبهات
  • شبهات النصارى حول السنة
  • مقالات الشيخ محمد الغزالي

Search Archive

Search by Date
Search by Category
Search with Google

Photo Gallery

120x600 ad code [Inner pages]
تسجيل الدخول | Designed by Gabfire themes